الرئيسة   »   مؤلفات الشيخ   »   نصح الموافق والمخالف التعامل مع ولاة الأمر   »   فذكر إنما أنت مذكر – دعوة لمناصحة ولاة الأمور

(أضيف بتاريخ: 2021/01/24)

بيانات الكتاب

فذكر إنما أنت مذكر – دعوة لمناصحة ولاة الأمور

فذكر إنما أنت مذكر – دعوة لمناصحة ولاة الأمور

وصف مختصر:

تعقيب على مقالة وسمت بـ‏ «كم نحن مقصرون في الدعوة إلى دين الإسلام‏»

المؤلف:

فضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة $

الناشر:

لم يُطبع بعد!

حجم الكتاب:

صغير

عدد مرات القراءة:
قراءة

تحميل

( 779 KB )

قراءة

( 8 صفحة )
فذكر إنما أنت مذكر
  • +  تكبـير الخط
  • -  تصغيـر الخط

فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن ولاه، وبعد:

أقول: إن كلمة حرّكت كوامن خيري، أشعلت نيران الغيرة في نفسي، استنفرت بياني ليمتطي بناني؛ لتلبية الواجب، وإجابة الصارخ الناصح.

أجل.. لقد قامت كلمة حبيبة من محبوب، مستنفرة كل عليم نجيب، داعية إلى تسيير قوافل خير من تعاليم ديننا كتحفة لكافر أو كافرة علّها تُقبل؛ فتُبقل خيرًا له وعقبه.

دعوة ذات همة؛ تبرأ بها الذمة، وترتفع بها عنهم المذمة، وينال بها صاحبها مرتبة الأئمة، الحاصل:

تحت ترجمة وسمت بـ‏ «كم نحن مقصرون في الدعوة إلى دين الإسلام‏» سئل العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-.

السؤال: من جاء بعامل كافر، هل يجب أن يعرض عليه الإسلام؟

الجواب‏: «نعم، يجب أن يعرض عليه الإسلام، ويدعوه إلى الإسلام‏» الشيخ العلامة ابن عثيمين – شرح‏ «كتاب الجهاد والسير‏» من صحيح مسلم.

وقال -رحمه الله تعالى‏-: «وهكذا يجب على كل إنسان داعٍ إلى الله عز وجل، له قيمته في المجتمع الإسلامي1 أن يكتب إلى الملوك، إلى ملوك الدول الكافرة، يدعوهم إلى الإسلام، فما يدري، لعل الله يهديهم، وإذا اهتدى سادة أولئك صار في هذا نفع عظيم، ولهذا قال النبي ﷺ لهرقل‏: «وإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين»‏ لأنهم سوف يتبعونه، إن دخل الإسلام دخلوا في الإسلام، وإن لم يدخل، لم يدخلوا‏» [من هنا].

أقول: رحم الله تعالى هذا الإمام الناصح الذي نفع الله تعالى به، وكتب له القبول، في دلالة على صدق وقبول، غير أني أقول:

أجل.. نحن في حاجة إلى دعوة مَن ذَكَر -غفر الله تعالى له- لكننا كذلك في حاجة تتلوها حاجة أيضًا إلى دعوة هي الأحب والأحن بل والألح لمناصحة ولاة أمورنا -بحسبنا وحسبهم-.

دعوة عالمة عارمة، موقّرة مستعلية.. وفق الضوابط الشرعية والآداب المرعية التي حضت عليها شريعتنا الربانية؛ إذ هم الأقرب والأنفع، وهم منا ونحن منهم، لا سيما وقد شغلوا بنا عن أنفسهم -إلا من رحم، فسُعد-.

نعم.. يجب علينا مع ترادف دعائنا لهم بالصلاح والإصلاح أن يشفع بدعوتهم -حال دعوتهم- وإرشادهم للخير الذي به تصحّ عقيدتهم، وتسلم عبادتهم، وتطهر قلوبهم، وتزكو نفوسهم؛ تحقيقًا للخبر الصادق عن الصادق -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم-‏: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير‏» ‏«صحيح الجامع‏» للعلامة الألباني برقم(7085)

وأيضا: كواجب شرعي -بقيده المزبور سلفا، مع اعتبار القدرة ومراعاة الحال والنظر إلى المآل- في حقهم آكد.

وأيضا: كبرهان على صفاء ونقاء، ومحبة ذيوع الخير وارتقاء، وفي ذلك قال إمام الأصفياء -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم-‏: «نضر الله عبدًا سمع مقالتي فوعاها وحفظها ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.

ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصح لأئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإن دعوتهم تحوط من وراءهم‏» ‏«صحيح الجامع‏» للعلامة الألباني برقم(6766).

كما أنه آية خيرية بين الراعي والرعية، لقول النبي -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-‏: «ألا أخبركم بخيار أمرائكم وشرارهم: خيارهم الذين تحبونهم ويحبونكم وتدعون لهم ويدعون لكم، وشرار أمرائكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم‏» ‏«صحيح الجامع‏» للعلامة الألباني برقم(2599) من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-.

ولا يفوتني أن ادعوهم -وهم إن شاء الله تعالى على خير في الجملة- لاغتنام بل استقطاع وقت لمجالسة الصالحين، لتعلم السنن أو استذكارها وتأويلها، لا سيما إبان زحمة الحاجات وتناكح المطالبات واعتلاج الصادر بالوارد، واشتباك المشاكل الشواكل.

ادعوهم لمجالستهم بل وصحبتهم للاسترشاد بعلومهم والاهتداء بهديهم وسماع وعظهم ونصحهم وتذكيرهم.

وإن دعت الحاجة لاستخدام مستشار ديني يضيء مجلس البطانة وقلوبهم، أو استئجار صاحب مذكّر -كما فعل أحد الوجهاء الأتقياء- لكان سبيل هدى ودليل رشاد.

فإن لم يتيسر فالاستعانة بالأسفار العلمية المعتنية بالدليل في أبواب العقيدة والتفسير والفقه والحديث بل والسيرة والوعظ.

مع دومومة الدعاء للنفس بالسلامة؛ إذ الحمل ثقيل، والعقبة كؤود، والكل مسؤول، والحساب سريع دقيق شديد، والعاقل من عمل لما بعد الموت، وأخذ من دنياه لآخرته.

ولا يفوتني أحبيب أن أذكرك بأمر عظيم عظيم، فيه من الخير الجزيل العميم، ألا وهو الاحتساب، فكم من أعمال عظيمة جليلة ذهبت وأجرها!!!؛ لغياب نية صالحة!

كيف وقد اجتُبيتم فجعل الله تعالى في صحائفكم أعمال الملايين، فإن كان خيرًا فخيرٌ وأي خيرٍ، ونعوذ بالله تعالى لك من الأخرى.

وبعد.. هذه تذكرة عابرة، تلقفها قلبي قبل عقلي، وبادر بترقيمها ودادي قبل بناني، سطرتها؛ حبا لوصول الخير المُصفّي إلى مصطفىً، استحلابًا للعافية وحسنِ العاقبة.

قد نصحت جهدي، وأردت الخير وسعي، والتوفيق من عند الله تعالى، لذا كان وكائن وسيكون -تعليقا لا تحقيقا، والتحقيق أرجو- عليه اتكالي واتكائي، وهو حسبي ونعم الوكيل.

الله تعالى المسؤول أن يوفقنا وولاة أمورنا لما في رضاه والعمل وفق مبتغاه، وأن يأخذ بأيدينا ونواصينا لما يحبه ويرضاه.

وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى إخوانه وآله وصحبه أجمعين

والحمد لله رب العالمين.

وكتب
راجي رحمة مولاه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
في 15/1/1430هـ / 12/1/2009م.

  1. أقول: أجل.. يجب مراعاة هذا القيد، مع استصحاب الرفق، والأسلوب الأمثل الأليق، والقول الحسن الجميل، مع مدارة لا مداهنة، اتباعًا مع احتساب، والله تعالى الهادي.