الرئيسة   »   مؤلفات الشيخ   »   نصح الموافق والمخالف   »   ليسوا آلهة !

(أضيف بتاريخ: 2021/10/26)

بيانات الكتاب

ليسوا آلهة !

ليسوا آلهة !

المؤلف:

فضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة $

الناشر:

لم يُطبع بعد!

حجم الكتاب:

صغير

تاريخ التأليف:

26/4/1431هـ 11/4/2010م

عدد مرات القراءة:
قراءة

تحميل

( 619 KB )

قراءة

( 6 صفحة )
ليسوا آلهة
  • +  تكبـير الخط
  • -  تصغيـر الخط

ليسوا آلهة !


بعد البسملة والحمدلة والحوقلة، أقول:

لا إله إلا الله، كلمة الإسلام العظيم، الكلمة السواء المدعو إليها1؛ تعني فيما تعني إفراد العبادة لله تعالىٰ، وحده دونما سواه.

ومن مقتضيات تلك العبودية: تأله القلب له -تعالىٰ- وتعلقه به، ومن ثم انقياد الجوارح –الكابحة والجانحة- لأمره -طوعًا وكرهًا– رغبة ورهبة.

بعضُ النفوس إذ جهلت عاليه، هامت في فيافي الفَرَق وقِفار الفُرقَة، مُعزّبة بين شعبها، وهي والحالة هذه -من سفهها- مستعذبة حالها، أمالة مآلها!!

نفوس منكوسة ذات أفكار معكوسة، فأمست موكوسة، ما أشبهها بعنز السوء؛ إذ تسعىٰ بظلفها إلىٰ حتفها.

لذا.. أسست هذه الأحرف؛ استجابة لحاجة، قامت مبانيها تدعو إلىٰ الله تعالىٰ، تربأ بالنفوس المسلمة أن تتعاطىٰ ما يشينها، وتسوقها لما فيه صلاحها وخيرها: لا تفرق لا شقاق، لا تباغض ولا تحاسد، لا تحسس ولا تجسس، لا مصارمة ولا مداهنة، لا ضرر ولا ضرر… إلخ.

وإنما الواجب﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ… ‏﴾ الآية [آل عمران: 103] و‏«… كونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله‏» ‏«صحيح الجامع‏» برقم(4072).‌

هي: دعوة لتجريد التوحيد، وتحقيق المتابعة.

هي: كذلك دعوة للتزكية والتلاحم ذي التراحم.

هي: كليمات يسيرات أرجو أن تكون سائرات -في الصدور كما السطور-، والله تعالىٰ الهادي وهو سبحانه الموفق إلىٰ سواء السبيل، والحمد لله علىٰ كل حال.

أقول:

أيا متصوفة ومتشيعة:

كهنتكم دجاجلتكم ليسوا آلهة، لا يعلمون الغيب، لا ينفعون ولا يضرون، لا يدفعون ولا يرفعون، لا يُشرعون ولا ينبغي لهم أن يخالفوا؛ ذلك أنهم عباد مربوبون؛ فإن أطاعوا؛ أُطيعوا. وإن خالفوا؛ خُولفوا، وإن كابروا؛ أكرهوا.

والحق: أنه لا تصوف ولا تشيع، إنما هو اتباع لا ابتداع فيه، فأفيقوا؛ ألفظوا الأهواء وانبذوا الآراء، تذوقوا حلاوة الأخبار، ولذة الآثار، وإلا النار.

قال الله تعالىٰ‏: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ 5 وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ‏ ﴾ [الأحقاف: 5-6].

وفي‏ «الصحيح‏» أن رسول الله -صلىٰ الله عليه وإخوانه وآله وسلم- قال للجاريتين القائلتين‏: «… وفينا نبي يعلم ما في غد. فقال: أما هذا فلا تقولوه؛ ما يعلم ما في غد إلا الله‏» وللحديث قصة انظر‏ «صحيح ابن ماجة‏‏» (1/611) برقم(1897).

وفي‏ «الأثر‏» عن الصديقة بنت الصديق -رضي الله تعالىٰ عنهما- قالت‏: «… ومن زعم أنه يعلم ما في غد فقد أعظم الفرية علىٰ الله، والله يقول ﴿ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾‏» الحديث‏ «صحيح جامع الترمذي‏» (5/262) برقم(3068).

أيها الحزبيون والحركيون:

منظّروكم ومُحرّكوكم ليسوا آلهة، بل هم بحسب الحقيقة الشرعية شياطين علىٰ طرق مهلكة تدعوا في غلس إلىٰ فلس؛ للسلب فالسقوط، فاحذروا من صرع السَقَطَة، وصدمة السقْطة، النار.. النار.

قال تعالىٰ‏: ﴿ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏ ﴾ [التوبة: 31].

وتوعدهم عزّ وجلّ بقوله‏: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَىٰ اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ‏ ﴾ [الأنعام: 159].

وقوله سبحانه‏: ﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏ ﴾ [آل عمران: 105].

وفي‏ «الصحيح‏» أخبر رسول الله -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وإخوانه وآله وسلم‏-: «… وإن أمتي ستفترق علىٰ اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة‏» ‏«صحيح الجامع‏» برقم(2042) هذا المآل إن كان.

وأما ما جاء في وصفهم ووجوب الحذر منهم وحزبِهم، فقال -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وإخوانه وآله وسلم‏-: ‏«تكون دعاة علىٰ أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، هم قوم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا؛ فالزم جماعة المسلمين وإمامهم؛ فإن لم تكن جماعة ولا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعضّ بأصل شجرة حتىٰ يدركك الموت وأنت كذلك»‏«صحيح الجامع‏» برقم(2994).

وعن عبد الله بن مسعود قال: «خط لنا رسول الله ﷺ خطًّا، ثم قال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطًا عن يمينه وعن شماله، وقال: هذه سبل علىٰ كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ ﴿ وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ﴾ الآية‏» حسنه العلامة الألباني في‏ «المشكاة‏» برقم(166).

أيها المؤمنون عباد الله:

ولاة الأمر ليسوا آلهة كما تظنون2 إنما هم عباد أمثالكم: يعلمون ويجهلون، يصيبون ويخطئون، يختارون وقد يكرهون، لا يقدرون علىٰ كل شيء، لا يُغنون ولا يفقرون، لا يُسعدون ولا يُشقون.

وفي إيمانهم: يزيدون وينقصون، وهم مع ذلك -كآحادنا- يرغبون ويرهبون، يرجون ويحذرون.

أجل.. لا يعلمون الغيب، فناصحوهم -بشرطه وأدبه ومن أهله لأهله– وأعينوهم -بالدعاء-، ولا يقبلون الضيم، فانصروهم3 وناصروهم.

أيتها الجماهير المسلمة:

الدراهم والدنانير ليست آلهة؛ الأرزاق مكفولة، فلا تستذلن نفسك، ولا تأكلن خبزك بجبن، ولا تخضعن لغبن، وإنما جدّ وكدّ، وأخلص وانصح، واحذرن حسيّ ومعنويّ السرقة -مباشرة أو مواطأة أو طأطأة- وكذا لا غلول ولا رشوة ولا غش… إلخ.

فرزق الله تعالىٰ‏ «لا يجرّه حرص حريص، ولا يدفعه كراهية كاره‏» و‏ «كل شيء بقدر حتىٰ العجز والكيس‏» ‏«صحيح الجامع‏» برقم(4531).

إن الله تعالىٰ كما قسّم الأخلاق والآجال، قسّم الأرزاق؛ ابتلاء. فإن من عباد الله ما الفقر يصلحه، ومنهم من الغنىٰ يصلحه، ومَن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السُّخط، والتعويل علىٰ الصلاح والإصلاح.

قال تعالىٰ‏: ﴿ وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ 22 فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ‏ ﴾ [الذاريات: 22-23].

وقال رسول الله -صلىٰ الله عليه وإخوانه وآله وسلم-‏: ‏«إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتىٰ تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالىٰ لا ينال ما عنده إلا بطاعته‏» ‏«صحيح الجامع‏» برقم(2085).

وبشركم‏ «فأبشروا وأمِّلوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشىٰ عليكم، ولكني أخشىٰ أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت علىٰ من كان من قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم‏» ‏«البخاري‏» (3791).

وصفوة القول، والقول الصفو: قول الله تعالىٰ‏: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].

والعزّ والرفعة في طاعته -تعالىٰ-، كما أن الذلة والصغار في معصيته، والله تعالىٰ الهادي وهو سبحانه الموفق إلىٰ سواء السبيل.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك علىٰ نبينا محمد وعلىٰ إخوانه وآله وصحبه أجمعين.

والحمد لله رب العالمين.

كتبه
الفقير إلىٰ رحمة مولاه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد حسونة
26/4/1431هـ 11/4/2010م

  1. في قوله تعالى‏: ‏﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:64].
  2. أقول هذا لأن البعض يعزو كل تقصير وشر إلى ولاة الأمر، رافعًا بذا خسيسته ودافعًا معرته، ومن ثم يستحل الوقيعة فيهم بل والدعوة الجائرة إلى القيام عليهم! وجهل أن لكل حق وعليه واجب، ولا أسوة في الخطأ، والكل مسؤول؛ فلتوطن النفوس على الإحسان.

    كفوا أيديكم وكفكفوا ألسنتكم عن الوقيعة فيهم، فلا حقيقة أمرهم فقهتم، ولا على مقدمات حكمهم وقفتم، ومن ثم لا إصابة بل إصابة!

    فلا غرو أنكم لا للحق نصرتم، ولا لباطل كسرتم، وإنما غل اعتلجه غدر، فغمٌّ وهمّ، وهوان وخسران!!

    فلتُنبذ الذبابية، ولتُخمد أنفاس كل نفس فأرية، ولتأرز النفوس الثعلبية في جحور السموم الثعبانية؛ لتسموا عقائدنا، ولتسلم عبادتنا، ولتسري دعوتنا، ولتسعد جماعتنا، ولتصفوا مودتنا.

  3. في‏ «الصحيح‏» قال رسول الله -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم‏-: ‏«انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا إن يك ظالمًا فاردده عن ظلمه وإن يك مظلومًا فانصره‏» ‏«صحيح الجامع‏» برقم(1501).