الرئيسة   »   مؤلفات الشيخ   »   نصح الموافق والمخالف   »   التعلم والتعليم زاد السادة السلفيين في سيرهم المبارك للرب العليم

(أضيف بتاريخ: 2021/01/15)

بيانات الكتاب

التعلم والتعليم زاد السادة السلفيين في سيرهم المبارك للرب العليم

التعلم والتعليم زاد السادة السلفيين في سيرهم المبارك للرب العليم

المؤلف:

فضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة $

الناشر:

لم يُطبع بعد!

حجم الكتاب:

صغير

تاريخ التأليف:

5/8/1424هـ الموافق 1/10/2003م

عدد مرات القراءة:
قراءة

تحميل

( 562 KB )

قراءة

( 12 صفحة )
التعلم والتعليم زاد السادة السلفيين في سيرهم المبارك للرب العليم
  • +  تكبـير الخط
  • -  تصغيـر الخط

التعلم والتعليم زاد السادة السلفيين
في سيرهم المبارك للرب العليم

من أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد.. كان الله تعالى له.

إلى: راغبي الخير.. وفقهم الله تعالى.

سلام عليكم ،،، أما بعد،،،

اعلم رحمك الله تعالى: أن «أولى ما يتنافس به المتنافسون، وأحرى ما يتسابق في حلبة سباقه المتسابقون، ما كان بسعادة العبد في معاشه ومعاده كفيلاً، وعلى طريق هذه السعادة دليلاً، وذلك العلم النافع والعمل الصالح اللذان لا سعادة للعبد إلا بهما، ولا نجاة له إلا بالتعلق بسببهما، فمن رُزِقَهُما فقد فاز وغنم، ومن حُرِمهما فالخيرُ كلّه حُرِم. وهما مورد انقسام العباد إلى مرحوم ومحروم، وبهما يتميز البر من الفاجر والتقي من الغوي والظالم من المظلوم».

ولقد اصطفى الله سبحانه وتعالى صفوة من خلقه، شرفهم بالعلم، ووفقهم لسلوك سبيله والأخذ بأسباب تحصيله، ثم تكرم عليهم بأن جعلهم من حملته، ثم أمر الناس بالرجوع إليهم والأخذ عنهم، حيث جعلهم موقعين عنه، ونصبهم أدلة عليه سبحانه بما ورثوه من ميراث النبوة العظيم.

هذا.. وإن ما سجلوه لنا على مرّ الزمان وكرّ الدهور، وما رقمته أقلامهم لهو أكبر شاهد للقوم على علو مكانتهم، وسمو قدرهم، وسعة علمهم، وصدقهم وإخلاصهم.

فيا ليت شعري أي فضل ظفر به هؤلاء، وأي نعيم رتع فيه أولئك الأخيار، بل وأي مآل سينعمون فيه –إن شاء الله- لله درهم وطوبى لهم.

وهم الذين قال فيهم الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- في خطبته المشهورة في كتابه في الرد على الزنادقة والجهمية: «الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم! ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتنة المضلين».

هذا والكلام عن العلم قد كثرت فيه المصنفات، وترادفت فيه وتتابعت، وازدحمت بدواوينه المكتبات، وهنا نعرج على قضية التعليم كسبب رئيس نصَّبه الشارع من أسباب منجيات المجتمعات.

فأقول:

حكم التعلم:

«تعلم العلم تعتريه الأحكام الآتية:

فقد يكون التعليم فرض عين: وهو تعلم ما لا بد منه للمسلم؛ لإقامة دينه وإخلاص عمله لله تعالى أو معاشرة عباده…

وقد يكون التعليم فرض كفاية: وهو تعليم كل علم لا يستغنى عنه في قيام أمور الدنيا: كالطب والحساب والنحو واللغة والقراءات وأسانيد الحديث ونحو ذلك.

ومن التعلم ما هو مندوب: ومنه التبحر في الفقه بالتوسع فيه، والاطلاع على غوامضه، وكذا غيره من العلوم الشرعية. ( قلت: هذا الندب في حق العامي أو شبه العامي، أما العالم فضروري؛ لحاجته وخطره ).

وقد يكون التعلم حراماً: ومنه تعلم الشعوذة والسحر، وكذا الكهانة والعرافة.

وقد يكون التعليم مكروهاً: ومنه تعلم أشعار الغزل مما فيه وصف النساء المعينات..

وقد يكون التعليم مباحاً: ومنه الأشعار التي ليس فيها ما ينكر من استخفاف بأحد المسلمين أو ذكر عوراتهم أو نحو ذلك».

وأما عن التعليم:

قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى: «تعليم الطالبين فرض كفاية؛ فإن لم يكن هناك من يصلح إلا واحد تعين عليه. وإن كان جماعة يصلحون، فطلب ذلك من أحدهم فامتنع فهل يأثم؟ يجري في ذلك وجهان. والأصح: لا يأثم» «المجموع» (1/52) ط.المكتبة العالمية.

قال ابن الحاج -رحمه الله تعالى- في «المدخل» (2/88): «ينبغي للعالم، أو يتعين عليه: إذا رأى الناس قد أعرضوا عن العلم أن يعرض نفسه عليهم لتعليمهم وإرشادهم وإن كانوا معرضين».

وقد حث الشرع على تعليم العلوم التي تحتاجها الأمة في دينها ودنياها، وجاءت الآيات والأحاديث والأخبار بذلك، وتطابقت الدلائل على فضيلة العلم، والحث على تحصيله، والاجتهاد في اقتباسه وتعليمه.

من أدب المعلم:

فصّل أهل العلم القول في آداب المعلم ووظائفه وأهمها ما يلي: أن يقصد بتعليمه وجه الله تعالى… وأن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها وحث عليها، والخلال الحميدة والشيم المرضية التي أرشد إليها، وأن يحذر.

من الحسد والرياء والإعجاب واحتقار الناس، وإن كانوا دونه بدرجات، وألا يُذِل العلم… وأن يشفق على المتعلمين، وأن يجريهم مجرى بنيه … إلخ.

من أدب المتعلم:

ينبغي أن يطهّر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول العلم وحفظه واستثماره.

وينبغي أن يقطع العلائق الشاغلة عن كمال الاجتهاد في التحصيل، ويرضى بما يتسر من القوت، ويصبر إن ضاق به العيش…

وينبغي أن يكون حريصاً على التعلم مواظباً عليه في جميع أوقاته، ليلاً ونهاراً، حضراً وسفراً.

ومن آداب المتعلم: الحلم والأناة، وأن تكون همته عالية فلا يرضى باليسير مع إمكان كثير، وألا يسوف في اشتغاله ولا يؤخر تحصيل فائدة.

تعليم النساء:

لا خلاف بين الفقهاء في مشروعية تعليم النساء القرآن والعلوم والآداب، ومن الفقهاء من قال بوجوب قيام المتأهلة من النساء بتعليم علوم الشرع كما كانت عائشة -رضي الله عنها- ونساء تابعات يفعلن، ويجب أن يكون تعليم النساء مع مراعاة آدابٍ أمر الشارع المرأة بالتزامها للحفاظ على عرضها وشرفها وعفتها:

من عدم الاختلاط بالرجال.

وعدم التبرج.

وعدم الخضوع بالقول؛ إذا كانت هناك حاجة للكلام مع الأجانب.

ويجب تعليم النساء العلوم التي تعتبر ضرورية بالنسبة للأنثى: كطب النساء1.

وصفوة القول:

أن العلم -وأعني به هنا التعلم فالتعليم- مقام الصادقين المصدقين، وسبب في الحشر يوم الحشر في زمرة الصديقين التي تلي مرتبة النبيين، إذ لما كانوا هم ورثتهم في الدنيا تلوهم في الرتبة في الآخرة، فذلك الفضل كل الفضل، فالعلم هو رزق الدنيا والآخرة فلابد لكل نجيب أريب أن يسعى لتحصيله والأخذ بأسباب تحمله ثم تحميله، مستعيناً مفتقراً، باذلاً له محتسباً، وليحذر من عوائقه وآفاته ونكده.

وعوائقه في أزماننا: الحزبية والمذهبية والطُرُقية، فكن من أولاء على حذر، وسل الله التوفيق في الطلب، والسداد في النشر والتبليغ والبث، وتحلَّ بالصبر، وإياك والقنوط أو اليأس، وليكن شعارك -طالباً كنت أو معلماً- { وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } [هود:88].

والله الموفق وهو الهادي سبحانه إلى سواء السبيل.

وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والحمد لله رب العالمين.

كتبه
راجي عفو مولاه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
5/8/1424هـ الموافق 1/10/2003م

  1. «الموسوعة الفقهية الكويتية» (13/5-18) بتصرف.

الوسوم: