الرئيسة   »   مؤلفات الشيخ   »   نصح الموافق والمخالف   »   وأحسن كما أحسن الله إليك

(أضيف بتاريخ: 2021/10/29)

بيانات الكتاب

وأحسن كما أحسن الله إليك

وأحسن كما أحسن الله إليك

وصف مختصر:

مقدمة كتاب «أوفر الأجر في بذل الفـضل»

المؤلف:

فضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة $

الناشر:

لم يُطبع بعد!

حجم الكتاب:

صغير

عدد مرات القراءة:
قراءة

تحميل

( 742 KB )

قراءة

( 10 صفحة )
وأحسن كما أحسن الله إليك
  • +  تكبـير الخط
  • -  تصغيـر الخط

نصيحة إلى محسن:

«ولو أن الناس قنعوا بما يكفيهم، وعمدوا إلىٰ الفضول،
فوجهوها لأمر آخرتهم، لكان خيرًا لهم‏»
«الكسب» للشيباني ص(107).

‏‏﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ‏ ﴾

مقدمة كتاب «أوفر الأجر في بذل الفـضل»

للغني بربه
أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد حسونة
غفر الله تعالىٰ له ولوالديه ومشايخه والمسلمين


إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله:

‏‏﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ‏ ﴾ [آل عمران:102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا 71 يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا‏ ﴾ [الأحزاب‏:70-71].

أما بعد:

اعلم -رحمك الله تعالىٰ- أن هذه الأمة متقدمة عن غيرها في الفضائل والمآثر، ممتازة عنهم بالمحامد، وما ذاك إلا بفضل الله عليها بالبعثة النبوية المباركة، فكانت ﴿ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران:110]، وهذه الخيرية خيرية عامة في جميع مناحي الحياة، وفيما يخصُّ السموَّ بشقَّيه: الروحيّ والبدني.

فعندما تطَّهَّر النفس من آفاتها، وتتخلص من شهواتها، وتتحلىٰ بالفضائل، وتتزين بالمكارم؛ تثمر أعظم الثمار، وتخرج لنا كلَّ حسن.

هذا.. وللإنفاق دور عظيم في تهذيب النفوس وإصلاح حال الفرد واستقامة المجتمع، يدرك ذلك كلُّ ناظر، ويقف علىٰ حقيقته كل متأمل1.

ذلك.. إن في الإنفاق تليين وتذليل ومعالجة لتلكم لقلوب الصلدة القاسية، فالجود والسخاء– بإذن الله تعالىٰ- يقلب البغضاء محبة، والعداوة وداً، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرىٰ هو مواساة للفقراء والمسكين والمعوزين عموماً.

ولقد طبعت القلوب علىٰ حبّ من أحسن إليها، والميل إليه والنفور ممن آذاها وأساء إليها:

أحسِن إلىٰ الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ

فبالإحسان تفتّح القلوب وتستملك، وتتآلف النفوس وتتواد، وتنسجم الأرواح وتتحاب، علم ذلك الأتقياء الأبرار فراحوا في دعوتهم للناس ومحبتهم إيصال الخير لهم يغذونهم بنوعي الغذاء: الرُوحي والبدني.

فالأول: تسمو به الأرواح وتنقاد إلىٰ باريها.

والثاني: يستقيم به العود وتسد به الحاجات؛ فيتفرغ المرء إلىٰ طاعة ربه.

فعُمِّرت بإحسانهم قلوب أهل الحاجة من بعد جدب، وأشرقت به وجوههم من بعد أُفول.

فلا تمنعن أحدًا رِفدك2 -وصلك الله تعالىٰ وكفاك-.

أجل.. إن صنائع المعروف وبذل الندىٰ ومساعدة المحتاج وسدَّ الحاجات، دعائمُ بها تصلح المجتمعات وتتنزل البركات ويُستجلب رضىٰ رب الأرض والسماوات.

لا سيما والناظر عن كثب يقف علىٰ حاجات وحاجات، والمسلمون عُرِفَ عنهم أنهم غُيوث الكرب، والرِّفد في الجدب، هم أهل الشيم من حياء وكرم ووفاء ومروءة، هم روّاد كل فضيلة، وأحق الناس بها وأهلها.

نعم.. إن الكرم والإيثار خصلتان لا تجتمعان إلا في عبد موفق أُريد به الخير.

فكن –أخي- سعّاءً إلىٰ كل مكرمة، ناهضًا بكل فضيلة، مقدَّمًا في كل خير، سبّاقًا إلىٰ كل برّ، فرّارًا من غرور الشيطان ووعوده.

كن من أكرم قومك وأوصلهم وأبرّهم، مأوىٰ الأيتام، وملاذ الضعفاء، وقبلة المحتاجين، فهذا والله من إرادة الله سبحانه بك الخير، ودليلٌ علىٰ صلاحك، وبرهانُ فلاحك، وآية صدقك وإخلاصك، وبشرىٰ لك في الدنيا قبل الآخرة، فرحم الله عبدًا هذا حاله، وتلكم فعاله.

فـ «لن تكسب -أعزك الله تعالىٰ- المحامد، وتستوجب الشرف إلا بالحمل علىٰ النفس والحال، والنهوض بحمل الأثقال وبذل الجاه والمال، ولو كانت المكارم تنال بغير مؤونة لاشترك فيها السّفل3 والأحرار، وتساهم الوضعاء من ذوي الأخطار.

ولكن الله تعالى خصّ الكرماء الذين جعلهم أهلها، فخفف عليهم حملها، وسوغهم فضلها، وحظرها علىٰ السفلىٰ لصغر أقدارهم عنها، وبُعد طباعهم منها، ونفورها عنهم، واقشعرارها منهم‏» ‏«جواهر الأدب‏» للهاشمي ص(288) دار الكتب العلمية.

فيا أهل الندىٰ والجَدا4: هذه الحياة ميدانكم، وهذه الخلائق المتكاثرة في حاجة إلىٰ نولكم وعطائكم، والرب سبحانه ناظر إليكم ماذا أنتم فاعلون.

يـا أصحـاب القـلـوب الحـيَّـة: ما أحوجنا إلىٰ كل سَجْلٍ5 معطاء، يسدّ الله به حاجات، ويفرج به كربات.

إن الحاجة ماسّة إلىٰ تخفيف معاناة المساكين، وسدِّ حاجة المعوزين، وفاقة المحتاجين، وجوعة الجائعين، وهمِّ المدينين، وكرب المكروبين.

فمتىٰ جاهد المرء منَّا نفسه وتخلَّق بهذا الخُلق -أعني: خُلق الجود-؛ فإنه قد يُرزَقه؛ إذ من المستقر الثابت أن الأخلاق منها الجبليّة ومنها ما يكتسب6، ومصداق ذلك ما قاله رسول الله 7‏: ‏«إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه» ‏«صحيح الجامع…‏» برقم(2328). ‌

فعوّد نفسك البذل، وحببها في العطاء، وسهّل لها السخاء، وعودها الكرم؛ ترزقه –إن شاء الله تعالىٰ-، ويكن من سجاياك الكريمة، وشمائلك النبيلة، نسأل الله من فضله.

يا أيها الرحماء: لقد وصف الله سبحانه عباده المؤمنين عموماً، وصحابة رسوله –صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم- خصوصًا بأنهم: ‏﴿… رُحَمَاءُ…﴾ [الفتح:29]. ووصفهم تعالىٰ في موضع آخر بأنهم‏: ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾[المائدة:54].

وأمر نبيه -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وآله وسلم- والأمر له ولأمته، بقوله‏: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ‏ ﴾ [الحجر‏:88].

فأشارت الآيات وأشادت بالمؤمنين الكُمّل، ووصفتهم بالرأفة بإخوانهم والرحمة بهم، وبكونهم ليِّنين متواضعين متعاطفين متوادين.

ومتىٰ سادت مثل هذه الأخلاق العليا بين أفراد مجتمعنا الإسلامي –العظيم- ساد لسيادتها أفراده، وتحقق فينا المجتمع الرباني القائم بحق الله وحق عباده وحق النفس، وساعتئذ تتنزل البركات.

فلنسع -رحمكم الله تعالىٰ- لتحقيق هذه الغاية السامية، وتنزيل هذا المقصد العظيم من مقاصد الشريعة في واقعنا.

قوموا علىٰ إخوانكم الضعفاء والمحتاجين، خذوا بأيديهم -حسيًا ومعنوياً-، سدوا حاجات ملحّة، داووا كلومًا تنزف، امسحوا دموعًا تُسكب، هدئوا روعات، وسكنوا اضطرابات في نفوس إخوانكم.

فهنيئًا لصانعي المعروف، ويا سعادة من وُفِّقَ لأسباب محبة الله الوهاب الغفور. «فالمعروف لازم لأهله يقودهم ويسوقهم إلىٰ الآخرة، فاجتهدوا في الخير والزيادة، ولا ترضوا بالنقصان …

فالله الله يا أولياء الله، يا أهل المعروف، فكونوا من أهل المعروف، وأعينوا الفقير وأغيثوا الملهوف، فعسىٰ الله أن يغيثكم يوم البعث إنه رحيم رؤوف‏» ‏«بستان الواعظين ورياض السامعين‏» للإمام أبي الفرج ابن الجوزي ص(306).

أيها المؤمنون عباد الله: وطّنوا أنفسكم علىٰ فعل الخير، وبذل المعروف، افتحوا للمحتاجين قلوبكم قبل بيوتكم، وطيبوا لهم نفساً، ولتسعهم منكم ابتسامة، أو كلمة تخفيف وإعانة، ويصحب ذلك كله، كلمات طيبات مباركات تنفعهم في استقامة دينهم، وصلاح دنياهم.

فحري بك أخي أن تنظر في فضل مالك فتبذله8 -أو بعضه-؛ فإنه خير لك تقدمه، وستجده -والله- هناك وافرًا موفرًا أوفر ما يكون الجزاء، حتىٰ إنك لتدهش لكثرته، وتتعجب من وفرته، فاعمل، فإنه لمثل ذلك يعمل العاملون، ولتعلمنَّ نبأه بعد حين.

وبعد:

فيا أيها المحسان9 أحسن أحسن، كما أحسن الله تعالىٰ إليك.

قدّم قدّم، قبل القدوم عليه سبحانه.

أبذل الندىٰ أبذل، قبل أن يحال بينك وبينه.

بادر بادر، قبل أن تُبادر.

أسرع أسرع، قبل أن تُفزع وتُصرع.

واعلم بأن الله مخلف، وأن الأجر أوفر وأجزل، فإن تصدقت فاعلم أن هذا يتطلب منك حمداً:

حمدًا علىٰ أن جعل يدك العليا، وأغناك عن ذلّ السؤال ومسكنة الحاجة.

حمدًا علىٰ أن وفقك لإخراج الفضل؛ فلولاه ما أخرجت ولا قدمت ولا تصدقت.

حمدًا علىٰ الإصابة – إن وقعت موقعها-، وإلا فالأجر ثابت وافر أوفر ما يكون.

حمدًا علىٰ أن أجرىٰ علىٰ لسان المتصدَّقِ عليه دعاءً لك، فزادك من الخير خير.

وفي بيان الفقر العام، وعظيم حاجة المخلوق إلىٰ خالقه سبحانه قال تعالىٰ‏: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَىٰ اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ‏﴾ [فاطر:15].

وصلِّ اللهم وسلم وبارك علىٰ نبينا محمد وعلىٰ وإخوانه وآله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.

وكتب
الفقير إلىٰ رحمة مولاه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
24/2/1429هـ – 2/3/2008م
  1. وأما كون العرب أكرم من غيرهم،‏ «فذاك الذي لا يحتاج إلى بيان، ولا يعوز إلى إقامة دليل ولا برهان، قد شهد لهم به الأوداء والأعداء، واعترف لهم الأقربون والبعداء، إذا ألمّ بهم ضيف حكموه على أنفسهم، واستهانوا له ما وجدوه من نفيسهم، وهذا شعرهم ينطق بما جبلوا عليه، ويعرب عما ألفوه وجنحوا إليه، وهو مما لا يمكن استيعابه في هذا المقام، ومن أين لنا الإحاطة بالبحر المحيط‏» ‏«بلوغ الأرب‏» للعلامة السيد محمود شكري الآلوسي ص(46).

    نعم.. فمن ذلك قول أحدهم:

    رَآنِي عَلَى مَا بِي عُمَيْلَةُ فَاشْتَكَى
    إِلَى مَالِهِ حَالي أَسَرَّ كَمَا جَهَرْ
    دَعَانِي فآسَانِي وَلَوْ ضَنَّ لَمْ أَلُمْ
    عَلَى حِينَ لاَ بَدْوٌ يُرجَّى ولا حَضَرْ
    فَقُلْتُ لَهُ خيرًا وأَثْنَيْتُ فِعْلَهُ
    وَأَوْفَاكَ مَا أَبْلَيْتَ مَنْ ذَمَّ أَوْ شَكَرْ
    غُلاَمٌ رَمَاهُ الله بِالخَيْرِ يافِعًا
    لَهُ سِيمِيَاءُ لا تَشُقُّ عَلَى البَصَرْ
    كَأَنَّ الثُريَّا عُلِّقَتْ في جَبِينِهِ
    وَفِي خَدِّهِ الشِّعْرَي وَفِي وَجْهِهِ القَمَرْ

    ولهذا قصة‏: «مرّ عميلة الفزاري على ابن عنقاء الفزاري وهو يحتش لغنمه. وقيل: يحفر عن البقل ويأكله، فقال: يا ابن عنقاء ما أصارك إلى هذه الحال؟ فقال له ابن عنقاء: تغير الزمان، وتعذر الأخوان، وضنّ أمثالك بما معهم. فقال عميرة: لا جرم والله لا تطلع الشمس غدًا إلا وأنت كأحدنا، ثم انصرف كل واحد منهما إلى أهله.

    وكان عميلة غلامًا حين بقل وجهه، فبات ابن عنقاء يتململ في فراشه لا يأخذه النوم اشتغالًا بما قاله له عميلة، فقالت له امرأته: ما شأنك؟ فأخبرها الخبر، فقالت: قد خرفت وذهب عقلك حتى تعلق نفسك بكلام غلام حديث السن لا يحفل بما يجري على لسانه.

    ويحكى أنه لما أصبح قالت له ابنته لو أتيت عميلة فقد وعدك أن يقاسمك ماله، فقال يا بنية إن الفتى كان سكران ولا يدري لعله لم يعقل ما قاله، فبينا هي تراجعه الكلام إذ أقبل عليهم كالليل من إبل وغنم وخيل، وإذا عميلة قد وقف عليه، فقال: يا ابن عنقاء: اخرج إلي فخرج إليه، فقال: هذا مالي أجمع، هلمّ نقتسمه، فقاسمه إياه بعيرًا بعيرًا وفرسًا فرسا وشاةً شاة وجاريةً جارية وغلامًا غلاما، ثم انصرف، فقال ابن عنقاء الأبيات» اهـ من‏ «بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب‏» للآلوسي البغدادي ص(53-53).

  2. الرِّفد -بالكسر-: العطاء والصلة.
  3. جمع سفلة، وهم طغام الناس وغوغاؤهم.
  4. الندى: الجود. والجَدا: العطية.
  5. السجل: الجواد.‏ «لسان العرب‏» لابن منظور (11/326) مادة‏ «سجل».
  6. نعم.. فإن لم تكن الأخلاق قابلة للتغيير لم يكن للمصلحين دورٌ في تهذيب النفوس وترويدها، ابتداءً من الأنبياء والمرسلين، وانتهاءً بآخر الدعاة المصلحين بين يدي الساعة، وشاهد الوجود دليل على ما نحن بصدده، بل والحسّ أيضًا؛ فنحن نجد من أنفسنا وذوينا من هذا الشيء الكثير حتى صار ذلك الأمر عندنا يقين. انظر في ذلك ‏«شرح صحيح الإمام مسلم‏» للإمام النووي (15/79) وما قاله الحافظ ابن حجر في‏ «فتح الباري‏» (10/459).
  7. وفي وصف جود قدوتنا -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- وطرائقه الطيبة فيه، يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى-:
    «كان أعظم الناس صدقة بما ملكت يده.
    وكان لا يستكثر شيئًا أعطاه لله تعالى، ولا يستقلُّه.
    وكان لا يسأله أحد شيئًا عنده إلا أعطاه، قليلًا كان أو كثيراً.
    وكان عطاؤه عطاء من لا يخاف الفقر.
    وكان العطاء والصدقة أحب شيء إليه.
    وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما يأخذه.
    وكان أجود الناس بالخير، يمينه كالريح المرسلة.
    وكان إذا عرض له محتاج آثره على نفسه، تارة بطعامه، وتارة بلباسه.
    وكان ينوّع في أصناف عطائه وصدقته: فتارة بالهبة، وتارة بالصدقة، وتارة بالهدية، وتارة بشراء الشيء ثم يعطي البائع الثمن والسلعة جميعاً، كما فعل ببعير جابر، وتارة كان يقترض الشيء فيرد أكثر منه، وأفضل وأكبر، ويشتري الشيء فيعطي أكثر من ثمنه، ويقبل الهدية ويكافئ عليها بأكثر منها أو بأضعافها، تلطفًا وتنوعًا في ضروب الصدقة والإحسان بكل ممكن.
    وكانت صدقته وإحسانه بما يملكه وبحاله وبقوله، فيُخرج ما عنده، ويأمر بالصدقة، ويحض عليها، ويدعو إليها بحاله وقوله، فإذا رآه البخيل الشحيح دعاه حاله إلى البذل والعطاء وكان من خالطه وصحبه ورأى هديه لا يملك نفسه من السماحة والندى‏» ‏«زاد المعاد‏» للعلامة ابن القيم (2/21-22) فصل: هديه في صدقة التطوع.
  8. أما المرأة، فلا ينبغي أن تغلبها عاطفتها، فتجود -جهلًا- بحاجتها وحاجة من تعول، بل يجب عليها أن تنظر في الحقوق كل بحسبه، وتستأذن في كل هذا ولي أمرها: زوجًا كان أو أبًا… إلخ كل من له ولاية، كل بحسبه، وعلى الله قصد السبيل.
  9. قالها سيبويه، انظر‏ «موسوعة نضرة النعيم‏» خلق‏ «الإحسان».