الرئيسة   »   مؤلفات الشيخ   »   التعامل مع ولاة الأمر   »   إعلان الحرب على من اعتبر ديار المسلمين ديار حرب

(أضيف بتاريخ: 2021/01/24)

بيانات الكتاب

إعلان الحرب على من اعتبر ديار المسلمين ديار حرب

إعلان الحرب على من اعتبر ديار المسلمين ديار حرب

المؤلف:

فضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة $

الناشر:

لم يُطبع بعد!

حجم الكتاب:

صغير

عدد مرات القراءة:
قراءة

تحميل

( 855 KB )

قراءة

( 14 صفحة )
إعلان الحرب على من اعتبر ديار المسلمين ديار حرب
  • +  تكبـير الخط
  • -  تصغيـر الخط

إعلان الحرب على من اعتبر ديار المسلمين ديار حرب

من: أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد ……………. كان الله تعالى له.

إلى: أخيه …………………………. وفقه الله للخير.

سلام عليكم، وبعد:

لقد ظننت كما ظن غيري –وهم كثير– أن البحث في بعض المسائل، وعلى سبيل المثال: مسألتي دار الحرب ودار الإسلام، واعتبار ديار المسلمين ديار حرب! وكذا بدعة القول بالعهدين المكي والمدني، واعتبار أن المسلمين الآن في مرحلة العهد المكي! من المسائل التي اندرست، ولم يكن لها في ساحات الإسلام وميادين المسلمين -زمنًا- أثرًا ولا عينًا، فضلًا عن ذكر.

إذ طلع علينا خلوف على حين غفلة من الخلق، تنبش مقبرة الفتن، وتخرج لنا من نتن أفهام أصحابها وركام آرائهم، وبقايا بلاياهم، هاتين المسألتين من جديد، ليُفتح لنا بابٌ جديدٌ من أبواب الانشغال عن دعوة عموم الخلق إلى الحق، إذ إيصاد هذا القبو أهم، وقبره من جديد أوجب وأتم.

سيما وأن معتنقي هذا الخبط لا يهدأ لهم بال، ولا يسكن لهم قرار، ولا تطمئن نفوسهم الخبيثة إلا برؤية الدمار، وجريان الدم الطاهر الزكي كالأنهار، يتفكهون بانتهاك الأعراض، ويعشقون رؤية الأشلاء، ويرقصون على الهياكل والجماجم والرفات، وإن رمت شاهدًا فانظر قطر الجزائر الجريح، الذى لا يزال مدرج جسده الطاهر النقي بدماء هذا الفكر الإجرامي، بل قبل ذلك سل التأريخ يجيبك وهو مطأطئ الرأس حزين، بنبرة الكسير الكسيف عن خزايا أسلافهم على مر دهوره، وكر عصوره.

أقول: لا يزال فكر الخوارج يظهر بين الفينة والفينة بين الناس، ليحصد ثمار الإصلاح، ويستبيح بيضة المسلمين، ويستأصل شأفتهم.

وليظهر لنا بذا علم من أعلام النبوة في صنيع من وصفهم النبي -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- بأنهم‏ «كلاب أهل النار‏» حين أخبر عن حالهم بقوله‏ «يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان‏» ولا نقول إلا ما يرضي الرب -سبحانه-.

فأقول:

إعلم -أرشدنا الله وإياك لطاعته- أن السلف الصالح قسموا الديار إلى أنواع:

«دار الإسلام‏» وهي: كل بقعة تكون فيها أحكام الإسلام ظاهرة. انظر‏ «بدائع الصنائع» (7/130 -131) وحاشية‏ «ابن عابدين‏» (3/253) و‏ «المبسوط» للسرخسي (10/114) و «كشاف القناع‏» (3/43) و «الإنصاف‏» (4/121) و «المدونة‏» (2/22).

وقال الشافعية: هي كل أرض تظهر فيها أحكام الإسلام… أو يسكنها المسلمون وإن كان معهم فيها أهل ذمة، أو فتحها المسلمون وأقروها بيد الكفار، أو كانوا يسكنونها، ثم أجلاهم الكفار عنها‏» ‏«حاشية البجيرمي‏» (4/220)، وهو ما يفهم من‏ «نهاية المحتاج» (8/81) وما بعدها.

وقال الإمام شمس الدين ابن القيم -رحمه الله تعالى‏: «دار الإسلام‏: هي التي نزلها المسلمون، وجرت عليهم أحكام الإسلام، وما لم يجر عليه أحكام الإسلام لم يكن دار إسلام، وإن لاصقها‏» ‏«أحكام أهل الذمة‏» (1/366)، وهذا قول جمهور أهل العلم. انظر «الفتاوى الهندية‏» (2/232) و«الآداب الشرعية‏» لابن مفلح (1/213) و‏«أحكام أهل الذمة‏» (1/366) وفيها صرح ابن القيم بأنه قول الجمهور.

وأما «دار الحرب»:

فهي كل بقعة تكون فيها أحكام الكفر ظاهرة‏. انظر «بدائع الصنائع‏» (7/130-131) وحاشية‏ «ابن عابدين‏» (3/253) و «المبسوط‏» للسرخسي (10/114) و «كشاف القناع‏» (3/43) و «الإنصاف‏» (4/121) و‏ «المدونة‏» (2/22).

وهناك «دار العهد»:

وتسمى دار الموادعة، ودار الصلح، وهي: كل ناحية صالح المسلمون أهلها بترك القتال على أن تكون الأرض لأهلها. ‏«الأحكام السلطانية» للمواردي ص(178)، و‏ «فتح القدير‏» (5/334).

وأخيرًا «دار البغي»:

وهي: ناحية من دار الإسلام تحيز إليها مجموعة من المسلمين لهم شوكة خرجت على طاعة الإمام بتأويل. ‏«الأحكام السلطانية» للمواردي ص(38) و«فتح القدير» (5/334) و«بدائع الصنائع‏» (7/130 -131) و«أسنى المطالب‏» (4/111).

وبعد..

قال الشيخ عبد الرحمن بن معلا اللويحق في كتابه المانع‏ «الغلو في الدين» ص(230) وهو يقرر القول: بأنه كل بقعة تكون أحكام الإسلام فيها ظاهرة: بيد أنهم اختلفوا في تفسير هذه الأحكام، هل هي أعمال الإمام، أو هي أعمال الأمة أي الشعائر الظاهرة كالصلاة ونحوها، على اتجاهين في التعريف:

الاتجاه الأول: يرى أن الأحكام هي أعمال الإمام، أي السلطان السياسي، فإن كان السلطان للمسلمين فالدار دار إسلام وإلا فبالعكس، وهذا ما عليه الحنفية‏» ‏«الفتاوى الهندية‏» (2/232) و‏«بدائع الصنائع» للكاساني و «حاشية ابن عابدين‏» (3/271).

وعلل ابن حزم هذا بقوله‏: «لأن الدار تنسب للغالب عليها والحاكم فيها والمالك لها‏» ‏«المحلى‏»(1/200) وبهذا أفتى جمع من المعاصرين منهم: الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد الرحمن السعدي، والشيخ محمد رشيد رضا.

ومقتضى هذا القول أنه يمكن أن تكون دار إسلام، ولو كان أهلها كلهم كفار، مادام حاكمها مسلمًا، ويحكمها بالإسلام.

الاتجاه الثاني: يرى أن مناط الحكم على الدار هو أعمال أهلها -أي الشعائر الظاهرة- فإن كانت أحكام الإسلام كالصلاة ظاهرة، فدار إسلام، وإلا فدار كفر.

وبه فسر بعض الحنفية الأحكام حيث قال‏: «ودار الحرب تصير دار إسلام بإجراء أحكام أهل الإسلام فيها؛ كإقامة الجمع، والأعياد، وإن بقي فيها كافر أصلي‏» ينظر‏ «الدر المختار مع ابن عابدين» الحاشية (4/175).

والذي يتضح من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية موافقته لأصحاب هذا الاتجاه إذ يقول: ‏«وكون الأرض دار كفر أو دار إيمان أو دار فاسقين ليس صفة لازمة لها؛ بل هي صفة عارضة بحسب سكانها، فكل أرض سكانها المؤمنون المتقون هي دار أولياء الله في ذلك الوقت…‏» ‏«مجموع فتاوى شيخ الإسلام‏» (18/282).

والترجيح: الذي يترجح والله أعلم، هو القول: أن مناط الحكم على الدار هو ظهور الأحكام؛ لأن الأحكام هي الميزة للبلد إسلامًا وكفرًا، والإسلام كل منهما مجموعة شعب -هي الأحكام -... وهذه الأحكام هي مجموعة أعمال الناس وأعمال الإمام، فلا يحكم على الدار بأنها دار إسلام أو دار كفر إلا بعد النظر إلى هذين الجانبين.

ويجب مع ذلك استصحاب القواعد الآتية:

1- أنه عندما يقال: إن مناط الحكم على الدار ظهور الأحكام فلا يعني ذلك اجتماعها كلها، فإنه من النادر الذي لم يقع في تاريخ المسلمين إلا في عهد النبي -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم– وعهود خلفائه الراشدين -رضوان الله تعالى عليهم- ثم تتابع النقص بعد ذلك، فما من زمان أو مكان إلا وقد غابت فيه بعض أحكام المسلمين.

2- أن هذه الأحكام التي هي مناط الحكم على الدار متفاوتة في الدرجة، وأعظمها الصلاة، وهي أعظم بكل حال -وفي تحديد هوية الدار خصوصًا- من الحكم الذي هو عمل الإمام، يدل على ذلك ما يلي:

– عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله تعالى عنه- عن رسول الله -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- أنه قال‏: «لينتقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضًا الحكم وآخرهن الصلاة‏».

– الأحاديث التي ورد فيها أن المسوغ للخروج على الحكام، ترك الصلاة، وعدم إقامتها؛ لأنها آخر ما يمكن أن يحكم به لقوم أنهم مسلمون.

وعليه فإنه إذا لم يسمع الآذان في بلد، ولم توجد المساجد، فهذا دليل على أن الدار دار كفر، وإذا سمع الآذان ووجدت المساجد حتى غدت مظهرًا من مظاهر الدار، فالدار دار إسلام1، يشهد لذلك أحاديث منها:

الحديث الأول: عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال‏: «كان رسول الله -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- يغير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الآذان، فإن سمع أذانًا، أمسك؛ وإلا أغار» رواه الإمام مسلم(1/288) كتاب الصلاة.

قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى-‏: «وفي الحديث دليل على أن الآذان يمنع الإغارة على أهل ذلك الموضع، فإنه دليل إسلامهم‏» ‏«شرح النووي على مسلم‏»(4/84).

الحديث الثاني: عن عصام المزني -رضي الله تعالى عنه- قال: كان النبي -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- إذا بعث السرية يقول‏: «إذا رأيتم مسجدًا أو سمعتم مناديًا فلا تقتلوا أحدًا‏» رواه أبو داود كتاب الجهاد.

قال العلامة الشوكاني -رحمه الله تعالى-‏: «وفي الحديث… دليل على جواز الحكم بالدليل لكونه -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- كف عن القتال بمجرد سماع الآذان».

وقال‏: «وفيه الأخذ بالأحوط في أمر الدماء؛ لأنه كف عنهم في تلك الحال مع احتمال ألا يكون ذلك على الحقيقة‏».

وقال‏: «وفيه دليل على أن مجرد وجود المسجد في البلد كاف في الاستدلال به على إسلام أهله، وإن لم يسمع الأذان؛ لأن النبي -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- كان يأمر سراياه بالاكتفاء بأحد أمرين: إما وجود مسجد أو سماع أذان‏» ‏«نيل الأوطار‏» (7/278).

وهنا ملاحظتان:

الملاحظة الأولى: أنه قد يرد على الاستدلال بهذين الحديثين إيراد هو: أن غاية ما يدل عليه الحديثان منع الغارة على الدار لا وصفها.

والإجابة عن ذلك هي: أن الحكم الذي يمنع به الإغارة على الدار هو المحدد لصفتها؛ لأن أهم حكم يترقب على وصف الدار بأنها دار كفر، جواز الإغارة على أهلها.

قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى‏-: «حكم الدار، الذي يمنع به الإغارة على الدار‏» ‏«الرسالة‏» ص(300).

الملاحظة الثانية: أنه قد يرد أيضًا أن كثيرًا من بلاد الكفر فيها مساجد، ويسمع فيها الآذان.

والإجابة على ذلك: أن المراد أن تكون المساجد والأذان مَظهرًا من مظاهر البلد، والرسول -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- في امتناعه عن الإغارة بناء على الأذان، كان يتعامل مع أحياء العرب التي كان مجرد سماع المؤذن فيها يُعد مظهرًا ودليلًا على إسلام أهلها؛ لصغر الحي وقلة السكان، فالمسألة نسبية فقد يكون المسجد الواحد مظهرًا دالًا على إسلام أهل القرية، ولا تكون عشرة مساجد في مدينة من المدن الكبار مظهرًا دالًا على الإسلام.

وبالمثال يتضح الحال: المسلمون في فرنسا يقيمون الشعائر ولهم مساجد، لكنها ليست من مظاهر البلد وسماته، فهي دار كفر. والمسلمون في المغرب يقيمون الشعائر وهي ظاهرة وسمة من سمات البلد فهي دار إسلام.

وبهذا يتبين: دار الإسلام هي التي ظهرت فيها الأحكام الإسلامية، وخصوصًا الصلاة، ودار الكفر هي التي غابت عنها الأحكام الإسلامية، وخصوصًا الصلاة. وليس المراد بقيام الصلاة أداء أفراد من الناس لها، بل المراد أن تكون جزء من عمل الإمام‏ «لا ما أقاموا فيكم الصلاة‏» رواه الإمام مسلم(3/1481) كتاب الإمارة. ‏«لا ما صلوا‏» رواه الإمام مسلم(3/1481) كتاب الإمارة.

وهذه الألفاظ وإن كانت في الخروج على الحكام إلا أن بينها وبين مسألة وصف الدار صلة، إذ وجود الصلاة في الحالين هو المانع من استباحة الدار‏» ‏«الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة» للشيخ عبدالرحمن بن معلا اللاويحق ص(330 -335).

أما عن تحول دار الإسلام إلى دار كفر: فقد اختلف الفقهاء في تحول دار الإسلام إلى دار للكفر.

فقال الشافعية‏: «لا تصير دار الإسلام دار كفر بحال من الأحوال، وإن استولى عليها الكفار وأجلوا المسلمين عنها وأظهروا فيها أحكامهم‏» ‏«نهاية المحتاج‏»(8/28) و‏«أسنى المطالب‏»(4/204).

وقال المالكية والحنابلة وصاحبا أبي حنيفة: تصير دار الإسلام دار كفر بظهور أحكام الكفر فيها‏» ‏«بدائع الصنائع‏» (7/130 -131) و‏«حاشية ابن عابدين‏»(3/253) و‏«كشاف القناع‏» (3/43) و‏ «الإنصاف‏» (4/121) و‏ «المدونة‏» (2/22).

وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا تصير دار كفر إلا بثلاث شرائط:

1- ظهور أحكام الكفر فيها.

2- أن تكون متاخمة2 لدار الكفر.

3- أن لا يبقى فيها مسلم، ولا ذمي آمنًا بالأمان الأول وهو أمان المسلمين3.

وفي الأخير: أدعو الله تعالى -وهو سبحانه المسؤول- أن يوفق الحاكم والمحكوم إلى تعظيم الأمر والنهي، وأن يمتعنا وعموم المسلمين بنعمتي الإيمان والأمن -فيالهما من نعمتين كبيرتين عظيمتين لو علم التكفيريون- وتبًا تبا لكل من يضمر السوء بنا، وببلادنا، وسائر المسلمين. اللهم اهدهم.. اللهم اهدهم.. اللهم اهدهم.. آمين.

وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

والحمد لله رب العالمين.

كتبه

راجي رحمة مولاه

أبو عبد الله

محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة

في 20/5/1424هــ الموافق 20/7/2003

  1. وبلادنا بلاد إسلام -والحمد لله – تعلو فيها كلمة «الله أكبر» في الآفاق كل يوم خمس مرات من آلاف المآذن، تشف بالحق أسماعنا، وتسعد -والله – بسماعه قلوبنا، وترق له جوارحنا -متعنا الله به ما حيينا وأبناءنا وذرياتنا- شاهدة بأنه تعالى أكبر وأجل وأعظم، ويردد ملايين البشر وراءها الشهادتين، يرددون وراءها وهي تدعوهم إلى الصلاة والصلاح والفلاح، وتفتح لهم أبواب المساجد ويعمرها المسلمون، يشترك في ذلك كله الراعي والرعية.

    وكما أننا نرى في زماننا كما يرى غيرنا كيف في عيدي المسلمينالفطر والأضحىيتبادل حكامهم التهنئة بالعيد ويشاركون ويهنئون شعوبهم بذلك، ويذاع ذلك ويشاع فهو لا ينكر، بل نرىكما هو معلوم من لغة السياسةكيف أن حكام دول الكفر يهنئونهم وشعوبهم كذلك، كما نراهم يعقدون ويحضرون المؤتمرات الإسلامية كرؤوس لتلك الديار المسلمة المباركة.

    كما نرى الدعاة إلى الله لا دعاة التهييج ثم التكفير ثم الخروج والفساد والتدمير، ثم الندم على ما كان، والإقرار بالخطأ والندم، والإسلام يُتهم، والمسلمون يتقهقرون، والأعداء يشتمون ويستغلون هذه الجرائم في القدح والتشنيع والتنفير عن الإسلام والمسلمين، ولقد عايشنا ذلك وعايناه، وجنينا ثماره المرة وكابدناه، فهل من معتبر– يدعون والناس يستجيبون، بل في كل بلد إسلامي وزارة كاملة تعني بشؤون الدعوة لهذا الدين العظيم، ونشره داخليًا وخارجيًا، وترعى الوقف الإسلامي، وتجري الأرزاق على الدعاة، كما تنشأ وزارات لخدمة المتقاعدين وإعانة المحتاجين… الخ، لا ينكر ذلك إلا أعمى أو متعامي غبي دعي، وشاهد الوجود يرد كل دعوى كاذبة، ويطرح قول كل معاند مكابر أو جويهل غافل يريد أن يرى ملائكة وجنة في زمن التكليف، إن هذا ما كان ولن يكون في الدنيا، إذ هي دار ابتلاء ومحن، والمجتمعات اليوم فيها المؤمن والكافر، والطائع لله تعالى والعاصي، والبر والفاجر، والنافع والضار، ومتبع الحق واللاهث وراء هواه، كما كان منذ خلق الله الخليقة وسيظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والسعيد من وعظ بغيره، والأمة مرحومة، والله العاصم سبحانه.

  2. التخوم: الفصل بين الأرضين من الحدود والمعالم‏. «لسان العرب» (2/21).
  3. وانظر لزامًا كتاب‏ «الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة – دراسة علمية حول مظاهر الغلو ومفاهيم التطرف والأصولية‏» للشيخ عبد الرحمن اللويحق ص(335 -346) مؤسسة الرسالة الطبعة الثانية 1413هــ -1992م.