الرئيسة   »   مؤلفات الشيخ   »   لزوم جماعة المسلمين   »   تحطيم الرؤوس الأبية بذكر أقوال أهل العلم في حرمة الانتساب إلى الفرق الحزبية

(أضيف بتاريخ: 2021/10/26)

بيانات الكتاب

تحطيم الرؤوس الأبية بذكر أقوال أهل العلم في حرمة الانتساب إلى الفرق الحزبية

تحطيم الرؤوس الأبية بذكر أقوال أهل العلم في حرمة الانتساب إلى الفرق الحزبية

المؤلف:

فضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة $

الناشر:

لم يُطبع بعد!

حجم الكتاب:

صغير

عدد مرات القراءة:
قراءة

تحميل

( 806 KB )

قراءة

( 7 صفحة )
تحطيم الرؤوس الأبية
  • +  تكبـير الخط
  • -  تصغيـر الخط

تحطيم الرؤوس الأبيّة
بذكر أقوال أهل العلم في
حرمة الانتساب بل قيام الفرق الحزبية

من: أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد……. كان الله تعالىٰ له.

إلىٰ: أخيه………………………………. وفقه الله، آمين.

سلام عليكم، أما بعد:

دأب البعضُ بين الفينة والأخرىٰ تلمسَ مخارج واهية مما ذابوا فيه من أودية، ولكن هيهات هيهات، فما هي إلا الأدلة الواضحات، والبيانات الساطعات المنجيات، وإلا الهلاك.

ونحن بدورنا لا نملّ من تذكير كل خلّ، بحرمة هذه الفرق القائمة بين المسلمين الداعية للفساد –وإن ادعت إصلاحًا متسربلة ثوبَ متنسك خاشع يزعم نصحًا ويدعي حرصًا- والمسببة للفرقة والفتن -وإن ادعت تجميعًا وزعمت تأليفًا-، والغريب أنهم يرمون بقوس واحدة السادة السلفيين بما هم أهله والموعد القيامة.

ومما أحدثوه في هذه الآونة، القول باضطراب أقوال الكبار في جماعتي‏ «الإخوان‏» و «التبليغ‏» ومن لف لفهم ونسج علىٰ منوالهم:

فنقول بعد الثناء والحمدلة والاستعانة والتبرأ من الحول والقوة إلا به سبحانه: إن الناظر في أقوال أهل العلم من سلفنا الصالح قد يقف لأحدهم علىٰ أقوال متعددة في القضية الواحدة، ويرجع ذلك لأمور معروفة عند أرباب العلم، لكن ها هنا يقال: ما الواجب تجاه هذه الأقوال؟ وما الواجب تجاه قائليها المناسب لحفظ مكانتهم؟

بادئ ذي بدء: يجب أن يعلم أن الحق واحد لا يتعدد -وهو القول الصحيح من أقوال أهل العلم-؛ وعليه فعند اضطراب قولٍ لعدل، يجب اعتبارُ قولِه الموافق للنص، وانتخاب حكمه الموافق لروح الشريعة؛ لينسجم قوله مع قول إخوانه ونظرائه.

وهذا هو الواجب المتعين سلوكه عند التوفيق بين أقوال أحد الأكابر الأماجد الأماثل من أهل العلم، كيف والمسألة –التي معنا- في الأصل ليست فيها تضارب أو اضطراب، إنما هو إجمال في موضع وتفصيل في آخر، أو خطاب يعلوه روح الحنو والدنو من أجل استجلاب قلب المخاطب واستجاشة عواطف المخالف للحق، أو الصدع بالحكم العام ليندرج تحته نظيره.

وعلىٰ كل حال: فهاكم أقوال أهل العلم الكبار في بيان موقفهم من الجماعات الإسلامية ذات المناهج المتباينة، ومصادر التلقي المختلفة، والتي حوت أصولًا مفارقة لأصول سلفنا الصالح1.

أولاً: بيان موقف الشيخ الإمام محمد ناصر الدين الألباني $ من الفرق:

السؤال: ما هو حكم الشرع في تعدد الجماعات والأحزاب والتنظيمات الإسلامية مع أنها مختلفة فيما بينها في مناهجها وأساليبها ودعواتها وعقائدها والأسس التي قامت عليها وخاصة أن جماعة الحق واحدة كما دلّ الحديث علىٰ ذلك؟

الجواب: لنا كلمات كثيرة وعديدة حول الجواب عن هذا السؤال، ولذلك فنوجز الكلام فيه فنقول:

لا يخفىٰ علىٰ كل مسلم عارف بالكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح ﭫ أن التحزب والتكتل في جماعات مختلفة الأفكار أولًا، والمناهج والأساليب ثانيًا؛ فليس من الإسلام في شيء، بل ذلك مما نهىٰ عنه ربنا –عز وجل– في أكثر من آية في القرآن الكريم منها: … (ثم ساق الأدلة).

بخلاف الجماعات والأحزاب التي تكون في بلد واحد ومع ذلك فكل حزب بما لديهم فرحون، هذه الأحزاب لا نعتقد أنها علىٰ الصراط المستقيم.

بل نجزم بأنها علىٰ تلك الطرق التي علىٰ رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه‏» ‏‏«جماعة واحدة…‏» للشيخ العلامة ربيع المدخلي-زاده الله تعالىٰ توفيقاً- ص(178 – 181).

ثانياً: بيان موقف الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز $ من الفرق:

سئل -رحمه الله تعالىٰ-: ما واجب علماء المسلمين حيال كثرة الجمعيات والجماعات في كثير من الدول الإسلامية وغيرها، واختلافها فيما بينها حتىٰ إن كل جماعة تضلل الأخرىٰ ألا ترىٰ من المناسب التدخل في مثل هذه المسألة بإيضاح وجه الحق في هذه الخلافات خشية تفاقمها وعواقبها الوخيمة علىٰ المسلمين هناك؟

فأجاب -رفع الله درجاته في عليين-: ‏‏«إن نبينا محمدًا ﷺ بيَّن لنا دربًا واحدًا يجب علىٰ المسلمين أن يسلكوه، وهو صراط الله المستقيم ومنهج دينه القويم.

يقول الله تعالىٰ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ…﴾ [الأنعام:153].

كما نهىٰ رب العزة والجلال أمة محمد ﷺ عن التفرق واختلاف الكلمة؛ لأن ذلك من أعظم أسباب الفشل وتسلط العدو؛ كما في قوله جل وعلا: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ‏﴾ [آل عمران: 103].

وقوله تعالىٰ: ﴿ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَىٰ الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ﴾ [الشورىٰ:13].

فهذه دعوة إلهية إلىٰ اتحاد الكلمة وتآلف القلوب، والجمعيات إذا كثرت في بلد إسلامي من أجل الخير والمساعدات والتعاون علىٰ البر والتقوىٰ بين المسلمين دون أن تختلف أهواء أصحابها، فهي خير وبركة وفوائدها عظيمة.

أما إن كانت كل واحدة تضلل الأخرىٰ، وتنقد أعماله، فإن الضرر بها حينئذ عظيم، والعواقب وخيمة.

فالواجب علىٰ المسلمين توضيح الحقيقة، ومناقشة كل جماعة أو جمعية، ونصح الجميع بأن يسيروا علىٰ الخط الذي رسمه الله لعباده، ودعا إليه نبينا محمد ﷺ.

ومن تجاوز هذا أو استمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله؛ فإن الواجب التشهير به، والتحذير منه ممن عرف الحقيقة؛ حتىٰ يتجنب الناس طريقتهم، وحتىٰ لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيُضلوه ويَصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه في قوله جل وعلا: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

ومما لا شك فيه: أن كثرة الفرق والجماعات في المجتمع الإسلامي مما يحرص عليه الشيطان…

نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين علىٰ الحق وأن يزيل من مجتمعهم كل فتنة وضلالة، إنه ولي ذلك والقادر عليه‏» ‏‏«مجموع فتاوىٰ ومقالات متنوعة‏» (5/202–204).

ثالثاً: بيان موقف العلامة الشيخ ابن عثيمين $ من الفرق:

السؤال: هل هناك نصوص في كتاب الله وسنة نبيه ﷺ فيهما إباحة تعدد الجماعات أو الإخوان؟

الجواب: نعم… أقول: ليس في الكتاب ولا في السنة ما يبيح تعدد الأحزاب والجماعات، بل إن في الكتاب والسنة ما يذم ذلك … (وساق الأدلة).

وقول بعضهم: إنه لا يمكن للدعوة أن تقوىٰ إلا إذا كانت تحت حزب؟

نقول: هذا ليس بصحيح بل إن الدعوة تقوىٰ كل ما كان الإنسان منطويًا تحت كتاب الله وسنة رسوله ﷺ متبعًا لآثار النبي ﷺ وخلفائه الراشدين‏» ‏‏«جماعة واحدة لا جماعات‏» للشيخ الربيع ص (182).

رابعاً: بيان موقف هيئة كبار العلماء -وفقهم الله- من الفرق:

جاء في السؤال الأول والثالث والرابع من الفتوىٰ رقم (1674) من «مجموع فتاوىٰ اللجنة الدائمة‏ للبحوث العلمية والإفتاء‏‏» (2/210) جمع الشيخ أحمد الدويش، دار بلنسية:

ما حكم الإسلام في الأحزاب؟ وهل تجوز الأحزاب مثل حزب التحرير والإخوان المسلمين؟

فأجابت اللجنة الموقرة: لا يجوز أن يتفرق المسلمون في دينهم شيعًا وأحزابًا يلعن بعضهم بعضاً، ويضرب بعضهم رقاب بعض، فإن هذا التفرق مما نهىٰ الله عنه، وذم من أحدثه أو تابع أهله، وتوعد فاعليه بالعذاب العظيم.

وقد تبرأ الله ورسوله ﷺ منه؛ قال الله تعالىٰ: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ‏﴾ [آل عمران: 103].

وقال تعالىٰ: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران‏:105].

وقال تعالىٰ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَىٰ اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ 159 مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الأنعام:159-160].

وثبت عن النبي ﷺ أنه قال‏: «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض‏» والآيات والأحاديث في ذم التفرق في الدين كثيرة.

أما إن كان ولي أمر المسلمين هو الذي نظمهم ووزع بينهم أعمال الحياة ومرافقها الدينية والدنيوية ليقوم كلٌّ بواجبه في جانب من جوانب الدين والدنيا فهذا مشروع بل واجب علىٰ ولي أمر المسلمين…

هذا مع اعتصام الجميع بكتاب الله وهدي رسوله ﷺ وما كان عليه الخلفاء الراشدون وسلف الأمة، ووحدة الهدف، وتعاون جميع الطوائف الإسلامية علىٰ نصرة الإسلام والذود عن حياضه، وتحقيق وسائل الحياة السعيدة، وسير الجميع في ظل الإسلام وتحت لوائه علىٰ صراط الله المستقيم، وتجنبهم السبل المضلة والفرق الهالكة؛ قال الله تعالىٰ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام‏: 153].

انتهت الفتوىٰ وانتهىٰ النقل بانتهائها.

وصلىٰ الله وسلم وبارك علىٰ نبينا محمد وعلىٰ آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.

كتبه
راجي عفو مولاه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد حسونة
في: 10/11/1424هــ 2/1/2004
  1. يقول الشيخ الفوزان -حفظه الله تعالى-: «نعم، كلُّ من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسب إلى الإسلام، في الدعوة أو في العقيدة أو في شئ من أصول الإيمان: فإنه يدخل فى الاثنين والسبعين فرقة، ويشمله الوعيد، ويكون له من الذم والعقوبة بقدر مخالفته‏» «الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة‏» للشيخ الفوزان ص(16).