الرئيسة   »   مؤلفات الشيخ   »   لزوم جماعة المسلمين   »   برهان صدقي علىٰ صحة ما عليه الأخ محمد صدقي

(أضيف بتاريخ: 2021/10/26)

بيانات الكتاب

برهان صدقي علىٰ صحة ما عليه الأخ محمد صدقي

برهان صدقي علىٰ صحة ما عليه الأخ محمد صدقي

وصف مختصر:

بيان خطر المبتدعة وضرورة الرد عليهم صيانة للدين وحفاظا على سلامة عقائد المسلمين

المؤلف:

فضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة $

الناشر:

لم يُطبع بعد!

حجم الكتاب:

صغير

تاريخ التأليف:

11/5/1424هـ - 11/7/2003م

عدد مرات القراءة:
قراءة

تحميل

( 635 KB )

قراءة

( 7 صفحة )
برهان صدقي على صحة ما عليه الأخ محمد صدقي
  • +  تكبـير الخط
  • -  تصغيـر الخط

برهان صدقي
علىٰ صحة ما عليه الأخ محمد صدقي

(بيان أن منهج الردود منهج شرعي)

من: أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد…. كان الله تعالىٰ له.

إلىٰ: أخيه…………………………… وفقه الله تعالىٰ.

سلام عليكم، وبعد:

أثار دهشي كما أدهشك ما كان من إنكارٍ مشوبٍ بثورة وهيجان، من أحد الدعاة ومقدِّمه، حينما سُئل عن حال جماعة الإخوان، إذ اعتبر السؤالَ مَورِد فتنٍ وضلال، بل وإضلال.

وما علم -المسيكين- أن النقد والتحذير، والردّ علىٰ المخالف، وبيانَ خطئه، أو تلبيسه وتدليسه، سببٌ في الخير، وعموم النفع.

وعليه فأقول منبهًا ومحذراً، راجيًا بذا البيان والنصح إخماد باب الفتنة، وإيصاد باب الفرقة، لا كما يظن.

ابتداءً: ينبغي أن يُعلم أن الردّ علىٰ المخالف بما يصادم بدعته، منهجٌ سلفيٌّ، وبقدر ما يُظهر من البدعة، يَرد عليه أهلُ السنة بما يميز الحق من الباطل، والصالح -قولًا كان أو فعلًا – من الطالح، وهذا من باب النصيحة لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، بلا ريب ولا مين.

ومما ينبغي أن يُعلم أيضًا: أن معاملة المخطئ بالشرع نصرة له، وأن معاملته بالعاطفة خذلان1.

وسواء كان المخطئ من أهل الهوىٰ والابتداع، أو حتىٰ من أهل السنة أنفسهم، يَردُّ عليه أهل السنة بما يرده، وهذا كما تقدم من باب النصح من ناحية، ومن واجب الذبِّ عن حياض وحمىٰ الدين الحنيف من ناحية ثانية، وحفظًا وحفاظًا علىٰ صحة عقائد المسلمين وسلامة منهجهم من ناحية ثالثة.

ففي حديث ثوبان‏: «… إِنَّمَا أَخَافُ عَلَىٰ أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ‏» ‏‏انظر «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (1582 ، 1989).

فأنت ترىٰ يا طالب العلم والمعرفة، ويا باغي الخير والإثابة، ويا مبتغي سبل الهدي، كيف أن النبي ﷺ ما تخوف علىٰ أمته من العدو الخارجي، بقدر تخوفه عليهم من العدو الداخلي -أعني: المبتدعة-.

ألا ترىٰ كيف فعل أهل السنة في باب الاستواء، حينما قرروا: أن الله في السماء كما جاءت به النصوص وصحيح الأخبار وأجمع عليه السلف الأطهار. فقامت المبتدعة فقالت: نعم هو في السماء، وفي الأرض– يعنون بذاته، سبحانه-.

فقال أهل السنة -إغلاقًا لباب التأويل الباطل العاطل-: هو سبحانه مستوٍ علىٰ عرشه -للاستمرارية- بائن من خلقه؛ ردًا منهم -رحمهم الله تعالىٰ- علىٰ أهل الحلول. نعم: فليس في شئ من مخلوقاته، ولا من مخلوقاته شئ في ذاته -سبحانه وتعالىٰ وتقدس-.

وعليه: فلو قام بعد إخواننا فكفروا ولاة الأمور، وأبغضوهم، وسبّوهم، وحرضوا الدهماء، وهيجوا الغوغاء علىٰ ذلك تمهيدًا للنزو علىٰ عروشهم، وشق كروشهم، وما يعقب هذا من الفساد العام.

قلنا لهم: هم مسلمون، باعتبار الأصل -إذا لم يطرأ عارض الكفر-، لهم علينا السمع والطاعة، ولو ضربوا ظهورنا، وأخذوا أموالنا، ومنعونا حقوقنا، فيهم من الخير كيت وكيت، وندعو لهم بالصلاح، والتوفيق للإصلاح.

ومن الأقوال السلفية في بيان خطر المبتدعة وضرورة الرد عليهم
صيانة للدين وحفاظا على سلامة عقائد المسلمين

قال الإمام اللالكائي -رحمه الله تعالىٰ-‏: «… قال عاصم الأحوال -رحمه الله تعالىٰ-: قال قتادة: يا أحول إن الرجل إذا ابتدع بدعة ينبغي لها أن تذكر؛ حتىٰ تحذر‏» انظر‏ «اعتقاد أهل السنة…‏‏» (1/136) والنقل عن «نشر الصحيفة‏» للعلامة الوداعي ص(53).

وقيل لسفيان بن عيينه -رحمه الله تعالىٰ-‏: إن هذا يتكلم في القدر -يعني: إبراهيم بن أبي يحيىٰ- فقال سفيان: «عرّفوا الناس أمره، واسألوا ربكم العافية‏» انظر «تلبيس إبليس‏» لأبي الفرج ابن الجوزي ص(17)، ‏‏«والأمر بالاتباع‏» لجلال الدين السيوطي ص(80).

وقال الإمام القرافي -رحمه الله تعالىٰ-‏: ‏«أرباب البدع والتصانيف المضلة، ينبغي أن يشهر في الناس فسادها وعيبها، وأنهم علىٰ غير الصواب، ليحذرها الناس الضعفاء، فلا يقعوا فيها‏» انظر «الفروق‏» (4/207-208).

وقال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالىٰ-‏: ‏«ومثل أئمة البدع، من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم، وتحذير الأمة منهم، واجب باتفاق المسلمين، حتىٰ قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك، أو يتكلم في أهل البدع؟

فقال: إذا قام وصلىٰ واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع؛ فإنما هو للمسلمين2 هذا أفضل.

فبيّن أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم، من جنس الجهاد في سبيل الله3؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته، ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم علىٰ ذلك: واجب علىٰ الكفاية باتفاق المسلمين. ولولا من يقيمه الله لدفع هؤلاء وعدوانهم؛ لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب‏» ‏‏«مجموع فتاوىٰ شيخ الإسلام‏» (28/232-231).

وأقول: لو لم يكن إلا كلامُ هذا العَلم الإمام رادعًا لكل متكلم في هذا الشان، لكان كافيًا وافيًا، كيف مع ضميمة كلام إخوانه السادة الأعلام أئمة الأزمان؟!!!

وقال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالىٰ- أيضاً‏: «والداعي إلىٰ البدعة مستحق للعقوبة باتفاق المسلمين… فلابد من بيان بدعته والتحذير منها؛ فإن هذا من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي أمر الله به ورسوله‏» ‏‏«مجموع فتاوىٰ شيخ الإسلام‏» (35/414).

قال الرحيلي -زاده الله توفيقاً- بعد هذا النقل‏: ‏«فيتقرر بهذا مشروعية التحذير من أهل البدع، وكشف حالهم، والتشهير بهم؛ ليعلمهم الناس، ويحذروهم؛ وذلك لعموم الأدلة الدالّة علىٰ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي يندرج تحتها هذا الأصل العظيم، وهو تغيير منكر البدعة بمجاهدة أهلها؛ لينزجروا، وكشف حالهم للناس؛ ليحذروا من خطرهم‏» انظر «موقف أهل السنة والجماعة من أهل الاهواء والبدع‏» للدكتو إبراهيم بن عامر الرحيلي (2/484- 485) وهذا الكتاب أنصح كل سلفي -حقًّا- أن يمعن النظر فيه بين الفينة والأخرىٰ.

وقال العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالىٰ- في معرض ذكره للفوائد المستنبطة من غزوة تبوك‏: ‏«ومنها جواز الطعن في الرجل بما يغلب علىٰ اجتهاد الطاعن؛ حمية، أو ذبًّا عن الله ورسوله… ومن هذا طعن ورثة الأنبياء وأهل السنة في أهل الأهواء والبدع؛ لله، لا لحظوظهم وأغراضهم‏» ‏‏«زاد المعاد‏‏» (3/18).

وذكر الإمام الشاطبي -رحمه لله تعالىٰ- ضمن حديثه عن أحكام أهل البدع‏: «… ذكرهم بما هم عليه، وإشاعة بدعتهم؛ كي يحذروا؛ ولئلا يغتر بكلامهم، كما جاء عن كثير من السلف ذلك‏» ‏«الاعتصام‏‏» (1/176).

وعلىٰ ما تقدم يتبيّن لنا: أن قول البعض أن في منهج الردود الفتن: دعوىٰ، وهذه الدعوىٰ تفتقر إلي بيّنة، ويمكن أن يدعيها كل دعيّ، ويزعمها كل غبيّ، منحرف عن الصراط غوي، فإذا ما أنكرت عليه، أو حذرت من انحرافه وزيغه، قذفك بها وولىٰ، وعن الحق أعرض وتولىٰ. فخاب وخسر من هذا حاله!!!

وهل تصلح المجتمعات إلا بالتناصح، والتواصي بالحق، والأخذ به؟!! ألا يترتب علىٰ ذلك التزهيد في بيان الحق للمخالف: غضب الربّ -سبحانه وبحمده- ورسوله -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وآله وسلم، «بعدًا.. بعدًا‏» و«سحقاً.. سحقاً»- وأيضاً: ضياع الحق، وإغلاق باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -الذي طالما تشدق به القوم حتىٰ غلوا فيه وكفروا الحكام وبعض المحكومين- وبذا تنقض عُرىٰ الإسلام عُروة عُروة.

فعلىٰ المرء الناصح لنفسه أن يتكلم بعلم، أو يسكت بحلم، أو يسأل إن أشكل عليه الأمر.

فيا صِدقي -المبارك- سر سيرك المبارك؛ في نصح كل أخ يرجو الله والدار الآخرة، رائده الحق ومبتغاه الصواب، ولا يتأتىٰ ذلك إلا بالعلم بالآثار، ومجانبة أهل الردىٰ والضلال، قطاع طريق العلم -أعني: كل حزبي-.

فـ ‏‏«صاحب الدين لا يدالس ولا يؤالس – يخادع – ولا يداهن، وإنما ينطق بحق إذا زكن -علم- ويصمت إذا جهل، ولا يثير العثان -الدخان-، أما المجادل بالباطل المخاصم علىٰ غير هدىٰ، فعلىٰ النقيض من ذلك، وعليه فلا يستحق -من كان هذا حاله- أن يُرد عليه بسوداء ولا بيضاء، ويتركوا؛ ليظلوا في دهاليز باطلهم يترددون‏».

وبعد.. ففيما ذُكر كفاية لطالبي الهداية، والله تعالىٰ الموفق، وهو سبحانه المسؤول أن يرزقنا وإخواننا حسن الاتباع وحسن القصد. وفقنا الله تعالىٰ وإياك سلوك سبيل السلف الصالح ما حيينا، غير مبدلين، ولا مغيرين، آمين.

وصلٍّ اللهم وسلم وبارك علىٰ نبينا محمد وعلىٰ آله وأصحابه وأتباعه أجمعين
والحمد لله رب العالمين

كتبه
راجي رحمة مولاه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد حسونة
في: 11/5/1424هـ – 11/7/2003م

اقرأ بحث متمم لهذا البحث، بعنوان: أيا حبيب.

  1. وفي هذا ذكر مؤرخ الإسلام الحافظ شمس الدين الذهبي -رحمه الله تعالى- قال أبو صالح الفراق: حكيت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئًا من أمر الفتن، فقال: ذاك يشبه أستاذه -يعني الحسن بن حيي-، فقلت ليوسف: أما تخاف أن تكون هذه الغيبة؟ فقال: لم يا أحمق؟ أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم، أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارهم، ومن أطراهم كان أضر عليهم‏» ‏‏‏«الآثار الواردة عن أئمة السنة في أبواب الاعتقاد من كتاب سير أعلام النبلاء‏» للدكتور جمال بن أحمد بشير بادي (2/738).

    واعلم أن أشد شيئ على القوم النقدُ؛ لأن فيه فضح؛ لذا فقد تبنوا قاعدة التخذيل، بصورها ‏«لا تفرقوا الأمة..الأعداء يتربصون بنا‏» ‏‏«شديد على أخيك، ساكت على الشيوعية والنصارى‏» «نلتقي فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً…».

    فيقال: إن هذا التخذيل المشوب بالإعراض خَوَر –ضعف وانكسار- عن مواجهة الباطل، وترك لمواقع الحراسة لدين الله والذب عنه، وحينئذ يكون الساكت عن كلمة الحق كالناطق بالباطل في الإثم.

    قال أبو علي الدقاق‏: «الساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق‏» ‏‏‏‏«الرسالة القشيرية‏» ص(57) وانظر «وقفات منهجية…‏» لعبد الحميد العربي الجزائري ص(165).

  2. وفي هذا: يروى عن بشر بن الحارث أنه: قيل له يوم ضرب أحمد بن حنبل: قد وجب أن تتكلم. فقال: «تريدون مني مقام الأنبياء، ليس هذا عندي، حفظ الله أحمد بن حنبل من بين يديه ومن خلفه».

    وقال يحيى بن معين -رحمه الله تعالى-: «أراد الناس منا أن نكون مثل أحمد بن حنبل، لا -والله- لا نقدر علي أحمد، ولا على طريق أحمد‏» ‏‏«طبقات الحنابلة‏» للقاضي أبي يعلى (1/14).

    فظهر بهذا شرف مجاهدة أهل البدع بالحجة والبرهان على مجاهدة أهل الحرب بالسيف والسنان؛ لقلة القادرين عليه من الأمة، بخلاف جهاد أهل الحرب‏» ‏«موقف أهل السنة من أهل الأهواء والبدع‏» للرحيلي (2/495).

  3. وقال أبو الفرج ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-‏: ‏«قال أبو الوفا علي بن عقيل الفقيه: قال شيخنا أبو الفضل الهمداني: مبتدعة الإسلام والواضعون للأحاديث أشد من الملحدين؛ لأن الملحدين…‏» ‏‏«مجموع فتاوى شيخ الإسلام‏» (28/53-54).

    وقال الحميدي -شيخ الإمام البخاري، رحمهما الله تعالى-‏: ‏«والله لأن أغزو هؤلاء الذين يردون حديث رسول الله -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- أحبّ إليّ من أن أغزو عِدَّتهم من الترك‏» انظر‏ «ذم الكلام‏» للهروي رقم (288).