الرئيسة   »   مؤلفات الشيخ   »   لزوم جماعة المسلمين   »   الإبداع في إتلاف كتب أهل الابتداع

(أضيف بتاريخ: 2021/10/26)

بيانات الكتاب

الإبداع في إتلاف كتب أهل الابتداع

الإبداع في إتلاف كتب أهل الابتداع

المؤلف:

فضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة $

الناشر:

لم يُطبع بعد!

حجم الكتاب:

صغير

تاريخ التأليف:

12/11/1424هـ 5/1/2004م

عدد مرات القراءة:
قراءة

تحميل

( 603 KB )

قراءة

( صفحة )
الإبداع في إتلاف كتب أهل الابتداع
  • +  تكبـير الخط
  • -  تصغيـر الخط

الإبداع في إتلاف كتب أهل الابتداع

من: أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد…. كان الله تعالىٰ له.

إلىٰ: أخيه………………………. لطف الله بنا وبه، آمين.

سلام عليكم، وبعد:

يلحظ الناظر في حال بعض المستقيمين اليوم، أنهم لا يفرقون عند التلقي بين الأسفار السلفية النقية، والكتابات الأخرىٰ الأدبية منها والعقلية، أو الحزبية أو القصصية…الخ، زاعمين التغيير، ومدعين التجديد، ورامين المعرفة أو التثقيف.

وما يبرح أحدهم كتابه إلا وقد أشرب قلبه ما وقعت عليه عينه، وافتتن به، فإذا ما ذُكّر أعرض، وإذا ما نُبّه أنكر، ويحسب أنه علىٰ شيء.

الأمر الذي وجب التنبيه معه إلىٰ ضرورة الأخذ من الأسفار السلفية وأهلها فقط1، كما هو منهج السلف الصالح في باب التلقي، مفارقين بذا أهل الأهواء والبدع؛ فسلموا.

وفي هذه الوريقة نتكلم عن ضرورة التخلص من كتب الضلال بعدم الاقتناء والإهمال، أو التخلص منها بالإحراق أو الإتلاف.

إذ معاملة أهل الجهل أو البدع بـ «تحريق كتبهم وإتلافها تعزيرًا لهم، ودرءًا للمفسدة الحاصلة باطلاع الناس عليها، وقراءتها، وتضررهم بها في دينهم، أمر بذلك السلف وحثوا عليه‏» ‏‏«موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع‏» للدكتور ابراهيم الرحيلي (2/630).

وابتداءً أقول: بالنسبة إلىٰ ما ذكره البعض، من كون الفاروق عمر -رضي الله تعالىٰ عنه- قد أحرق مكتبة الإسكندرية، ونياحهم –المفتعل- عليها، فتجفيفًا لدموعهم -أشبه بدموع التماسيح- الكاذبة أقول:

أيًا كان قد ثبت هذا الأمر عن أمير المؤمنين أبي حفص الفاروق عمر أم لا؛ فقد أحسن -جزاه الله خيرًا- وهو الراعي، وقد نصح إلىٰ الرعيّة، لا سيما وأنه قد استفاد من درس كهذا من نبينا -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وآله وسلم-.

فعن جابر -رضي الله تعالىٰ عنه- أن عمر -رضي الله تعالىٰ عنه- أتىٰ النبي -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وآله وسلم- بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فغضب وقال -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وآله وسلم-: «أمتهوكون يابن الخطاب، والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بها نقية، لا تسألوهم عن شئ فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو باطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسي ڠ كان حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني‏» أخرجه الإمام أحمد‏ (3/387) والدارمي (1/115) وابن عبد البر‏ في «جامع بيان العلم وفضله‏‏» (2/42) وابن ابي عاصم في «السنة‏‏» (5/2) هو حديث حسن، انظر‏ «الإرواء‏» (6/338/340).

فإذا كان هذا الحال مع كتب فيها من الحق الإلهي، فكيف بكتب فلاسفة اليونان وغيرها، و التي أفسدت العقول، قبل الأديان؟!

جاء في «الطرق الحكمية في السياسية الشرعية‏» أو‏ «الفِراسة المرضية في أحكام السياسية الشرعية‏» للإمام ابن القيم -رحمه الله تعالىٰ-‏: «لا ضمان في تحريق الكتب المضلة وإتلافها‏.

قال المروذىٰ: قلت لأحمد: استعرت كتابًا فيه أشياء رديئة، ترىٰ أن أخرقه أو أحرقه؟ قال: نعم.

وقد‏ رأىٰ النبيبيد عمر كتابًا اكتتبه من التوراة، وأعجبه موافقته للقرآن فتمعر وجه النبي -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وآله وسلم- حتىٰ ذهب به عمر إلىٰ التنور، فألقاه فيه‏. فكيف لو رأىٰ النبي -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وآله وسلم- ما صنف بعده من الكتب التي يعارَض بها ما في القرآن والسنة؟ والله المستعان.

وقد‏ أمر النبي -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وآله وسلم- من كتب عنه شيئًا غير القرآن أن يمحوه‏، ثم أذن في كتابة سنته‏، ولم يأذن في غير ذلك.

وكل هذه الكتب المتضمنة لمخالفة السنة، غير مأذون فيها، بل مأذون في محقها وإتلافها، وما علىٰ الأمة أضرّ منها.

وقد حرَّق الصحابة جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان، لما خافوا علىٰ الأمة من الاختلاف؛ فكيف لو رأوا هذه الكتب التي أوقعت الخلاف والتفرق بين الأمة؟

قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون: أن أبا الحارث حدثهم، قال:‏ قال أبو عبد الله: «أهلكهم وضع الكتب، تركوا آثار رسول الله -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وآله وسلم- وأقبلوا علىٰ الكلام»…

ومسألة وضع الكتب فيها تفصيل ليس هذا موضعه، وإنما كره أحمد ذلك ومنع منه؛ لما فيه من الاشتغال به، والإعراض عن القرآن والسنة والذبّ عنهما، وأما كتب إبطال الآراء والمذاهب المخالفة لهم، فلا بأس بها، وقد تكون واجبة ومستحبة ومباحة، بحسب اقتضاء الحال، والله أعلم.

المقصود: أن هذه الكتب المشتملة علىٰ الكذب والبدعة يجب إتلافها وإعدامها، وهي أولىٰ بذلك من إتلاف آلات اللهو والمعازف، وإتلاف آنية الخمر؛ فإن ضررها أعظم من ضرر هذه، ولا ضمان فيها، كما لا ضمان في كسر أواني الخمر، وشق زقاقها‏» انتهىٰ مختصرًا المقصود منه ص(275/277) ت: الشيخ محمد حامد الفقي، طبعة: دار الكتب العلمية.

وكذلك جاء في جواب للقاضي بدر الدين ابن جماعة الكناني -رحمه الله تعالىٰ- إنكار مقالات ابن عربي قال: «وإعدام ذلك، وما شابه هذه الأبواب من نسخ هذا الكتاب، من أوضح طرق الصواب؛ فإنها ألفاظ مزوّقة، وعبارات عن معان غير محققة، وإحداث في الدين ما ليس منه، فحكمه: رده، والإعراض عنه‏» ‏‏«عقيدة ابن عربي وحياته وما قاله المؤرخون والعلماء فيه‏» لتقي الدين الفاسي ص(30) مكتبة ابن الجوزي.

وقال عنه القاضي سعد الدين الحارثي الحنبلي (ت: 711 هـ): «… وحق علىٰ كل من سمع ذلك إنكاره، ويجب محو ذلك، وما كان مثله، وقريبًا منه، ومن هذا الكتاب، ولا يترك بحيث يطلع عليه…‏» ‏«عقيدة ابن عربي…‏» ص (31).

وقال عنه الشيخ شرف الدين عيسىٰ الزواوي المالكي (ت: 743 هـ)‏: «… يجب علىٰ ولي الأمر إذا سمع بمثل هذا التصنيف، البحث عنه، وجمع نسخه حيث وجدها وإحراقها، وأدّب من اتُّهم بهذا المذهب، أو نسب إليه، أو عرف به، علىٰ قدر قوة التهمة عليه، إذا لم يثبت عليه حتىٰ يعرفه الناس ويحذروه، والله ولي الهداية بمنه وفضله‏» ‏«عقيدة ابن عربي…‏» لتقي الدين الفاسي ص (37-38).

وقال عنه القاضي أبو عبد الرحمن بن محمد المعروف بـ‏ «ابن خلدون‏» الحضرمي المالكي (ت: 803هـ): «… ومن هؤلاء الصوفية: ابن عربي، وابن سبعين، وابن برجان، وأتباعهم، ممن سلك سبيلهم، ودان بنحلتهم، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها، مشحونة من صريح الكفر، ومستهجن البدع، وتأويل الظواهر لذلك علىٰ أبعد الوجوه وأقبحها، مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلىٰ الملة، أو عدّها في الشريعة…

وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة، وما يوجد من نسخها بأيدي الناس، مثل‏ «الفصوص‏» و«الفتوحات‏» لابن عربي، و«البد‏» لابن سبعين، و«خلع النعلين‏» لابن قسي، و«عين اليقين‏» لابن برجان وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض، والعفيف التلمساني، وأمثالها، أن تلحق بهذه لكتب، وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة التائية من نظم ابن الفارض، فالحكم في هذه الكتب كلها وأمثالها، إذهاب أعيانها متىٰ وجدت بالتحريق بالنار والغسل بالماء حتىٰ ينمحي أثر الكتابة؛ لما في ذلك من المصلحة العامة في الدين بمحو العقائد المضلة».

ثم قال: «فيتعين علىٰ ولي الأمر، إحراق هذه الكتب دفعًا للمفسدة العامة، ويتعين علىٰ من كانت عنده التمكين منها للإحراق، وإلا فلينزعها منه ولي الأمر، ويؤدبه علىٰ معارضته في منعها؛ لأن ولي الأمر لا يعارض في المصالح العامة‏» ‏‏«عقيدة ابن عربي…‏» ص (42 – 43).

و‏ «أما ما يحكىٰ من نهي ابن عربي لشخص من إعدام كتبه2 ممن يصنع ذلك في الحياة، وكذا ما يرىٰ في النوم من خصوص عذاب لشخص بسبب ذمه لابن عربي أو لكتبه، فهو من تخويف الشيطان‏» ‏‏«عقيدة ابن عربي…‏» لتقي الدين الفاسي، تحقيق: الحلبي، ص(75).

قال محققه‏: ‏«وكذا ما يذكره البعض بنحو من ذلك عن‏ «إحياء علوم الدين‏» للغزالي».

قلت: ويعدّ سيد قطب أقنوم التكفير وحامل لوائه في هذا العصر، وتعدّ كتبه ينبوع الشرّ ومعول هدم؛ مما جعل العلامة ابن باز -رحمه الله تعالىٰ- يوصي بحرقها لضررها، وقامت بعض المجتمعات الإسلامة بمنع نشرها وتداولها، إلا أن البعض لا يزال يلهث ورائها يحسبها ماءً وهي سراب كاذب، وقد تدركه منيته وهو يسير إلىٰ حتفه، ولجهله لم يقف علىٰ حقيقة الأمر!! كان الله لنا وله.

أقول: فما أحوجنا في أيامنا هذه إلىٰ حفر الأخاديد تلو الأخاديد، لحرق جبال من كتب البدع والانحرافات والضلال والإضلال، من أهل الإسلام وغيرهم، فليت شعري من يقوم بذلك؟ ولعمري إنه لمن المأجورين – إن شاء الله.

ولا يفوتني في هذا المقام أن أتوجه بنداء إلىٰ المخلصين من الموجهين لنشئ الأمة، بضرورة نصح الصغار خصوصًا وطلبة العلم عموماً، بالأخذ عن الأسفار السلفية وأهلها، وربطهم بكتب سلف الأمة، وتحذيرهم من الكتب الحزبية وأهلها، والفرار منها فرار السليم من السقيم.

كما أتوجه بنداء مماثل، للإخوة أصحاب المكتبات الإسلامية، بضرورة التخلص من كل غث، من الكتب الفكرية أو الحركية… الخ، ونصح روادها والوافدين إليها المترددين عليها، بما يعود عليهم بالخير والاستقامة.

فالأمر دين، وهي أمانة، والله تعالىٰ رقيب، وعلىٰ عملكم شهيد، ويأبىٰ الله إلا أن يتم نوره، والله الموفق وهو سبحانه الهادي.

وصلىٰ الله وسلم وبارك علىٰ نبينا محمد، وعلىٰ آله وصحبه أجمعين.

والحمد لله رب العالمين.

كتبه
راجي عفو مولاه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد حسونة
في: 12/11/1424هـ 5/1/2004م
  1. غير أنه إذا وجد علم عند مخالف رأس، لا يوجد عند أهل الحق؛ يُنتخب والحالة هذه من أهل الحق القوي فيه الذكي دونما سواه؛ للاستفادة ومن ثم الإفادة، على أن يكون موضوعه بعيدًا عن بدعته، وموافقًا للحق بأدلته، هذا كله إن وجد، والله أعلم.
  2. قلت: نفهم من هذا، شدة إنكار علماء عصره عليه، وأمرهم الخاصة والعامة بحرق كتبه لما اشتملت عليه من إلحاد، ووقوفه بنفسه على ثمرة باطله المرة، جزاء وفاقاً. وفي هذا عقوبة له في الدنيا، وزجرًا لأمثاله، وردعًا لمن تزيّن له نفسه سبل الضلال، وحفظًا لسلامة عقائد المسلمين، واستقامة منهجهم، والانتصارلمصدر التلقي الصحيح الواجبِ اتباعه.