الرئيسة » مؤلفات الشيخ » نصح الموافق والمخالف » الثمر الحلو في التحذير من التشدد والغلو
(أضيف بتاريخ: 2025/03/09)
بيانات الكتاب


الثمر الحلو في التحذير من التشدد والغلو
فضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة $
لم يُطبع بعد!
وسط
20/12/1424هـ - 11/2/2004م
كتبٌ في نفس القسم
-
طرح المتارح وتباشير الفرح فيما أرجوه من خير على يد الشيخ فرج
قسم: نصح الموافق والمخالف
الحجم: صغير | قراءة -
زواج الأحرف ونكاح الكلمات
قسم: نصح الموافق والمخالف
الحجم: صغير | قراءة -
لا تفسدوا نساءكم -هداكم الله-
قسم: نصح الموافق والمخالف
الحجم: صغير | قراءة -
ليسوا آلهة !
قسم: نصح الموافق والمخالف
الحجم: صغير | قراءة -
زيارة القبور .. بين السنة والبدعة بين القبول والرد بين الثواب والعقاب
قسم: نصح الموافق والمخالف
الحجم: صغير | قراءة -
اليد الآثمة
قسم: نصح الموافق والمخالف
الحجم: صغير | قراءة
- + تكبـير الخط
- - تصغيـر الخط
الثمر الحلو في التحذير من التشدد والغلو
من: أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد ……………. كان الله تعالى له.
إلى: أخيه …………………… وفقه الله.
سلام عليكم، أما بعد:
لقد شاع في هذه الآونة، على كثير من الألسنة: القول بالأخذ بالأحوط في قضايا الدين عموماً، وقضايا الخلاف خصوصاً. الأمر الذي قد ينبئ عن أخطار في الفهم حادقة، وأخطاء في التطبيق موبقة، ثم يصير هذا الأمر بعد ذلك دين، من أخذ به فهو، ومن خالفه فهو الخالف المخالف.
أقول: لقد أضحت مظاهر الغلو -النابعة عن الجهل- واقعًا ملموساً، سيما في وسط التكفيريين خصوصاً، وحديثى العهد بالعلم، وكثير من النساء -المتدينات لا أقول المستقيمات- عموماً، وهذا النهج مردود مطروح منبوذ، يأباه الشرع، وتمجه الفطر السليمة، والنفوس القويمة.
أما دلالة بطلانه من الشرع: قول الله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ﴾ [النساء:171] والخطاب وإن وجه لأهل الكتاب، إلا أن الأمة المحمدية المرحومة داخلة فيه بلا ريب.
وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام:141].
وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَعْتَدُواۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة:190].
وقال تعالى: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ﴾ [البقرة:229].
وكما نهى الباري -سبحانه- عن الغلو، حذر نبينا صَلَّىٰ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ وَإِخْوَانِهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وهو الرؤوف الرحيم أمته منه فقال: «إياكم والغلو؛ فإنما أهلك من قبلكم، الغلو…»1.
وللحديث قصة، رواها الإمامان: أحمد والنسائي-رحمهما الله تعالى- عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُما قال: قال رسول الله صَلَّىٰ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ وَإِخْوَانِهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ غداة العقبة وهو على ناقته: «القط لي حصى، فلقطت له سبع حصيات من حصى الخذف فجعل ينفضهن في كفه ويقول: أمثال هؤلاء فارموا، ثم قال: أيها الناس: إياكم والغلو…»2.
وفي حديث عن أنس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُ قال: قال رسول الله صَلَّىٰ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ وَإِخْوَانِهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «خير دينكم: أيسره»3.
وفي حديث جرير بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُ قال: سمعت رسول الله صَلَّىٰ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ وَإِخْوَانِهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «من يحرم الرفق يحرم الخير»4.
وفي زيادة عند أبي داود5 : «كله».
ولخطورة الغلو بوّب شيخ الإسلام -في عصره- الشيخ محمد عبد الوهاب رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ بابًا ترجم له: «ما جاء -أي من نصوص الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة- في أن سبب كفر بني آدم، وتركهم دينهم، هو الغلو في الصالحين»6.
وقال الشيخ العلامة ابن باز رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ : «ولا شك أن الشريعة الإسلامية الكاملة، جاءت بالتحذير من الغلو في الدين، وأمرت بالدعوة إلى سبيل الحق والموعظة السنة، والجدال بالتي هي أحسن…»7.
ومن صور التشدد في الدين في حياة المسلمين:
أولاً: الغلو في الصالحين أحياء كانوا أو أمواتاً:
فمثال لما يُفعل عند الأموات في باب الغلو: ما يفعله القبوريون الجهلة -هداهم الله وعافاهم من ذلك الأمر العظيم- عند أوثانهم من صور العبودية، متمثلًا في دعائهم لهم، وطلب الدفع منهم والنفع، والاستغاثة بهم عند نزول الكرب من دون الله، وتقديم القرابين -الذبائح- لهم، والنذور لهم وعندهم، وجعل قبورهم عيداً، والإقسام بهم، والطواف حول رممهم -أضرحتهم-، وادعاؤهم على الغيب.
والقول الكبار -أعني: القول بـ «وحدة الوجود»- إلى غير ذلك مما جاءت النصوص صادقة بل صارخة صاعقة: بلعن فاعله، ومخبرة بغضب الله -بل اشتد غضب الله- عليه، والتغليظ على فعل آحادها، فكيف باجتماعها؟!! وبيّنت أنها من الشرك، وأمر الشرك عظيم جد عظيم لو كانوا يفقهون.
هذا بالنسبة للغلو في الأموات من الصالحين -هذا إن كانوا صالحين حقاً-.
أما الأحياء: فقد غالى البعض، وأنزل بعض الأفعال الشركية المتقدمة عليهم في حياتهم، كما هي لسلفهم الأموات، والعياذ بالله، فقد قعدوا لذا قاعدة -فاجرة فاسدة- فزعموا: «حكم مجاذيبنا، حكم مقبورينا»!!! أي: من التبرك الشركي، والتمسح البدعي، والإقسام الكفري… إلخ.
وهكذا أثبتوا لمجانينهم، أحكام موتاهم: فهم يترددون بين: مجانين الأحياء، وأموات الحياة!!! كان الله لنا ولهم.
ومن صور الغلو في الأحياء:
تقديم أقوال البعض، والاستشهاد بأفعالهم، وإن خالفت الشرع، وأحيانًا العقل! ويبالغ البعض؛ فيحاكي عادات شيخه، وإن كانت مستقبحة مستنفرة -أحيانًا- والله الهادي.
ثانياً: القول بأن صوت المرأة عورة:
ففي قوله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيراً ﴾ [النساء:34].
قال ابن عاشور رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ : «المراد من الرجال، من كان من أفراد حقيقة الرجل أي: الصنف المعروف من النوع الإنساني، وهو صنف الذكور، وكذلك المراد من النساء صنف النساء من النوع الإنساني، وليس المراد الرجال جمع رجل، بمعنى رجل المرأة أي زوجها لعدم استعماله في هذا المعنى»8.
وقبل الشروع أقرر: أنني ضربت صفحًا عن أمثلة غزيرة كانت بين يدي النبي صَلَّىٰ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ وَإِخْوَانِهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حتى لا يتذرع البعض بحضور النبي صَلَّىٰ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ وَإِخْوَانِهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، مع اعتقادي -موافقة لاعتقاد السلف- بأن النبي صَلَّىٰ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ وَإِخْوَانِهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لا يقرّ الخطأ، إلا أني آثرت سلامة إخواني المخالفين ورجوت لهم النفع.
فمن ذلك:
قال الحافظ الذهبي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ : «كتبت إليه – أي: الحسين بن علي رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُمَا عمرة بنت عبد الرحمن؛ تعظم عليه ما يريد أن يصنع، وتأمره بلزوم الجماعة، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه»9.
وما ذكره الحافظ الذهبي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ عن هاشم بن حسان قال: كانت حفصة تقول لنا: «يا معشر الشباب! خذوا من أنفسكم وأنتم شباب؛ فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب»10.
وأيضاً: أم الدرداء الصغرى -رحمها الله تعالى- قال عنها الحافظ شمس الدين الذهبي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ : السيدة العالمة الفقيهة، هجيمة الدمشقية… روت علمًا جمًا عن زوجها أبي الدرداء، وعن سلمان، وكعب بن عاصم الأشعري، وعائشة، وأبي هريرة، وطائفة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُم»11.
وقد ذكر الحافظ الذهبي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ عن عثمان بن حيان قال: «سمعت أم الدرداء تقول: إن أحدكم يقول: اللهم ارزقني، وقد علم الله لا يمطر عليه ذهبًا ولا دراهم، وإنما يرزق بعضهم من بعض، فمن أعطى شيئاً، فليقل، فإن كان غنياً، فليضعه في ذي الحاجة، وإن كان فقيرًا فليستغن به».
وهكذا احتسبت رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَىٰ في نصح أهل زمانها.
وذكر حافظ المغرب أبو عمر ابن عبد البر رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ : «عن زيد بن واقد، أن عبد الملك بن مروان، حدّثه قال: «كنت أجالس بريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهَا بالمدينة، قبل أن ألي هذا الأمر، فكانت تقول لي: يا عبد الملك! إني أرى فيك خصالاً، وإنك لخليق أن تلي هذا الأمر، فإن وليت هذا الأمر: فاحذر الدماء»12.
«قامت المسلمات من سلف هذه الأمة بالأمر بالمعروف (بالمعروف) والنهي عن المنكر (من غير منكر) لعامة الناس، والأقارب، والمعارف، والعلماء، وطلبة العلم، وأصحاب السلطة.
كما قمن بالاحتساب على الرجال والكبار والصغار.
قد قمن رَحِمَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَىٰ بالاحتساب في مجالات كثيرة، تشمل: العقائد، والأحكام، والرقاق، والتفسير، والمناقب، وغيرها.
قد كن رَحِمَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَىٰ يستندن في احتسابهم إلى الكتاب العزيز والسنة المطهرة.
قد كن رَحِمَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَىٰ يستخدمن درجات مختلفة من درجات الإنكار: من تعريف، ووعظ، ونصح، وتخويف، وتعنيف، وإزالة المنكر باليد (قلت: بحسب قدرتها، أو لمن تحت ولايتها الخاصة، ووفق الضوابط الشرعية) والتهديد، على حسب ما كان يقتضيه المقام. جعل الله تعالى لاحتسابهن قبولًا وأثرًا في أغلب الأحوال، فتنبه المخطئ، وتحقق المعروف»13.
فتوى: سئل الشيخ العلامة ابن باز رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ : هل يعتبر صوت المرأة عورة؟
فأجاب -رفع الله درجاته في عليين-: ليس صوت المرأة عورة بإطلاق، فإن النساء كن يشتكين إلى النبي صَلَّىٰ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ وَإِخْوَانِهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ويسألنه عن شؤون الإسلام، ويفعلن ذلك مع الخلفاء الراشدين رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُم وولاة الأمور بعدهم، ويسلمن على الأجانب، ويرددن السلام، ولم ينكر ذلك عليهن أحد من أئمة الإسلام.
ولكن لا يجوز لها أن تتكسر في الكلام، ولا تخضع في القول؛ فإن ذلك يغري بها الرجال، ويكون فتنة لهم، لقوله تعالى: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴾ الآية»14.
ومن أمثلة الغلو: ما قال الشيخ أحمد شاكر وأقره وأثنى عليه بكر أبو زيد -رحم الله تعالى الأول وأحسن خاتمة الثاني- واعتبره كلامًا نفيساً، إذ يقول15:
«وإليك هذا البيان النفيس للشيخ أحمد شاكر رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ عند حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُ مرفوعاً: «ما من امرأة تطيب للمسجد، فيقبل الله لها صلاة، حتى تغتسل منه اغتسالها من الجنابة» رواه (الإمام) أحمد قال في تحقيقه للمسند (15/108) ما نصه: «وانظر -أيها الرجل المسلم- وانظري -أيتها المرأة المسلمة- هذا التشديد من رسول الله صَلَّىٰ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ وَإِخْوَانِهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في خروج المرأة متطيبة، تريد المسجد، لعبادة ربها: أنها لا تقبل لها صلاة؛ إن لم تغتسل من الطيب، كغسل الجنابة، حتى يزول أثر الطيب. انظروا إلى هذا، وإلى ما يفعل نساء عصرنا المتهتكات، الفاجرات، الداعرات، وهن ينتسبن إلى الإسلام زورًا وكذبًا …» ومثله بل أشد!!! ص (77) من المصدر نفسه.
أقول: «وأما المضيقون ما وسعه الله عَزَّ وَجَلَّ فلا يقال لهم، إلا ما قاله التابعي الجليل وهيب بن الورد؛ فإنه جاء إليه رجل، فجعل كأنه يذكر الزهد، فأقبل عليه وهيب، وقال: لا تحمل سعة الإسلام على ضيق صدرك»16.
وكما قال الراجز: والأصل في التضييق ضيق الباع في الفهم والعلم والاطلاع»17.
أقول: إن دعوى الأحوط -هكذا على العموم- دعاوى يحسنها كل أحد، وإنما العلم «نقلٌ مصدق عن معصوم، أو خبرٌ عليه دليل معلوم» كما ذكر شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ ورحم الله تعالى القائل -ولعله الثوري رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ – : «إنما العلم رخصة من فقيه أو قال عالم» والله أعلم.
وأكرر «إن الغلو هو السمة البارزة لطائفة مارقة من فرق المسلمين النارية الهالكة، هو «حال الخوارج» فقد كانوا أهل صوم وصلاة وتلاوة للقرآن، لكنهم جاوزا حد الاعتدال إلى درجة الغلو والتشدد، حيث قادهم هذا التشدد إلى مخالفة (بعض)18 قواعد الإسلام»19.
وفي المقابل: لا ننسى أن ننبه إلى خطر الإباحيين أو المنحرفين المفرطين، وسندون في هذا الأمر الذميم رسالة في القريب -إن شاء الله تعالى-.
فلا ينبغي أن يتخذ تقصير وتفريط هؤلاء ذريعة إلى التشدد، إنما الواجب الاتباع دون شطط أو وكس.
«فلعمر الله، أنهما لطرفا إفراط وتفريط، وعلو وتقصير، وزيادة ونقصان.
وقد نهى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عن الأمرين في غير موضع، كقوله: ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ﴾ [الإسراء:29].
وقوله سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ﴾ [الفرقان:67].
فدين الله تعالى بين الغالي فيه والجافي عنه، وخير الناس النمط الأوسط: الذين ارتفعوا عن تقصير المفرطين، ولم يلحقوا بغلو المعتدين.
وقد جعل الله -سبحانه- هذه الأمة وسطا، وهي الخيار العدل؛ لتوسطها بين الطرفين المذمومين، والعدل هو الوسط بين طرفي الجور والتفريط، والآفات إنما تتطرق إلى الأطراف، والأوساط محمية بأطرافها، فخيار الأمور أوساطها»20.
فـ «القصد القصد تبلغوا»، وقد جعلنا الله تعالى «أمة وسطا»، و«اقتصاد في السنة خير من اجتهاد في بدعة».
وإن تزاحم أمران، واعتلاجا في نفسك، فعليك بالأيسر منهما، فهو السنة واليسر.
والسبيل: هو الالتحام والالتصاق والاستمساك بما كان عليه أهل العلم والفضل المتبعين للنص؛ إذ التعويل على الدليل، وقد قضى باليسر.
والله تعالى المسؤول أن يمن علينا وعليكم بتعظيم الأمر والنهي، والوقوف عند موارد الشرع، وأن يتوفنا متبعين، غير مبتدعين.. آمين.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.
كتبه:
الفقير إلى عفو مولاه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
في: 20/12/1424هـ – 11/2/2004م.
- قال الشيخ الإسلام في «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/28): إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال في «مجموع الفتاوى» (3/383) حديث صحيح. وانظر «صحيح الجامع» (1/522) برقم (2680) و«الصحيحة» برقم (1283).
- رسالة «الوسوسة» مستله من كتاب «إغاثة اللهفان…» للعلامة ابن القيم ص(12).
- «صحيح الجامع» للعلامة الألباني (1/625) برقم (3309) وقال: «صحيح».
- «صحيح الإمام مسلم» برقم (2592).
- برقم (4809).
- «فتح المجيد» (1/371) ت: آل فريان.
- «مجموع الفتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز $» (3/202).
- «التحرير والتنوير» (5/38).
- «تاريخ الإسلام» حوادث ووفيات (61-80هـ) ص (9) وانظر «سير أعلام النبلاء» (3/296-297).
- «صفة الصفوة» (4/24).
- «سير أعلام النبلاء» (4/277).
- «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» للحافظ ابن عبد البر (4/1795) وانظر «مسؤولية النساء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر…» للدكتور فضل إلهي ص(61).
- د. فضل إلهي في خاتمة بحثه «مسؤولية النساء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر…» ص(142) بتصرف يسير.
- «فتاوى هيئة كبار العلماء» (1/272) مكتبة التراث الإسلامي.
- في كتابه «حراسة الفضيلة» ص(132).
- «الحلية» (8/154).
- «دفع الشبه الغوية عن شيخ الإسلام ابن تيمية» ص(50).
- هذا القيد مني وهو لازم.
- «الخوارج: دراسة ونقد لمذهبهم» لناصر بن عبد الله السعوي ص(182-183).
- رسالة «الوسوسة» مستله من كتاب «إغاثة اللهفان…» للعلامة ابن القيم ص(62).
-
نداء إلى النساء .. قبل أن تكون فتنة دهماء
حجم الكتاب: وسط
( قراءة ) -
موقف السادة السلفيين من آل بيت النبي الأمين
حجم الكتاب: وسط
( قراءة ) -
يا صغيري انتبه – تعليق على مقال: هذه هي السلفية فاعرفوها
حجم الكتاب: صغير
( قراءة ) -
وأحسن كما أحسن الله إليك
حجم الكتاب: صغير
( قراءة )
-
زيارة القبور .. بين السنة والبدعة بين القبول والرد بين الثواب والعقاب
نصح الموافق والمخالف
( قراءة ) -
بَرُّ اليَمِينِ .. وَبِرُّ الأَمِينِ (جواب أسئلة منهجية)
لزوم جماعة المسلمين
( قراءة ) -
لست عليهم بمسيطر
دعوة أهل الكتاب واللادينيين
( قراءة ) -
ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده
ضوابط التكفير والتحذير من التسرع فيه الكتب المطبوعة
( قراءة )