الرئيسة   »   مؤلفات الشيخ   »   التحذير من القطبية   »   موقف سيد قطب عند موته

(أضيف بتاريخ: 2021/10/26)

بيانات الكتاب

موقف سيد قطب عند موته

موقف سيد قطب عند موته

المؤلف:

فضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة $

الناشر:

لم يُطبع بعد!

حجم الكتاب:

صغير

عدد مرات القراءة:
قراءة

تحميل

( 619 KB )

قراءة

( 6 صفحة )
موقف سيد قطب عند موته
  • +  تكبـير الخط
  • -  تصغيـر الخط

تحطيم صنم التعظيم
لموقف سيد قطب عند موته

من: أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد……. كان الله تعالىٰ له.

إلىٰ: أخيه………………………………. وفقه الله تعالىٰ.

سلام عليكم، وبعد:

إن قومًا جعلوا من سيد قطب إماماً، ولقبوه بأنه قائد الجيل، وزعموا أنه كان رمز التضحية، علمًا تفتخر به الأيام، ونبراسًا تستضيء بموقفه الأحفاد، وتتناقل سيرته الأولاد، ويشيد بذكره الأنام الجياد!!!

وما ذاك إلا أنه وقف في وجه الطاغوت1 -بزعمهم- وغضوا الطرف عن طوامه، وأعرضوا عن موبقاته وكون كتبه العقيمة كانت وعاءً للبدع، وسباطة الجهالات، ومجمع المنكرات المسبشعات.

بل استحدثوا للدفاع عنه وعنها قاعدة الموازنات الهشة التي انهارت علىٰ رؤوس من تعلقوا بها.

ويتساءل المرء: أين مفهوم الولاء والبراء الذي يتشبع به القوم؟ بل أين الأمر المعروف والنهي عن المنكر الذي يدندنون حوله الليل والنهار؟

أين الغيرة علىٰ الدين؟ والتي من خلالها تجرءوا علىٰ الحق.. تبًا للهوىٰ تباً.. وسحقًا للضلال سحقاً.

أيها القطبيون:

مالي أراكم عن الحق عزين، وللهدىٰ مجانبين، ما لكم كيف تحكمون، ألا تعقلون؟!

إن سيدًا هذا الذي عاديتم أهل الحق من أجله، ورددتم البيانات والبراهين تعظيمًا لشأنه، ووقفتم حول صنمه تلمعونه بألسنتكم، كان يكفر آباءكم وأمهاتكم، وسعىٰ إلىٰ تدمير بلادكم، ونزع ممتلكاتكم، ولو كان بينكم لأدار الرحىٰ عليكم.

وأقول لأخي المخالف: حتىٰ متىٰ تسلم سمعك وتخضع جوارحك وتعطي ثمرة فؤادك لأفراخ الخوارج، فها هم تراهم ينعقون، وشرار الناس وراءهم يلهثون، بل يتساقطون.

نعم.. كبكبوا علىٰ وجوههم، وسحبوا علىٰ مناخرهم، صاغرين إلىٰ أودية التحزب السحيقة، وإذا ما حاول مغيث انتشالهم، تثاقلت أجسامهم، وعجزت عن الوقوف أقدامهم، وجبنت قلوبهم، فانكسرت عن رؤية الحق عيونهم، وعجزت عن إدراكه عقولهم.

وفي ساحات المناظرات صالوا وجالوا، وإذا ما قام إليهم فارس، تصاغروا وتقهقروا، وعند النزال سرعان ما ضعفت سواعدهم، وارتعدت فرائسهم وضاعت حججهم، وطاشت عقولهم، فظهرت للعيان سوءتهم، فولوا الأدبار، يجرون خلفهم أردية الكذب والخداع.

ولما ارتموا في أحضان شياطينهم، زعموا بأن المواجه لهم مسكين، لا يعرف فقه واقع القتال، فعذروه، وأنه عميل، أو لعله مرجئ، أو مشغب، إلىٰ آخر تلك الأباطيل، فالله هو حسبنا ونعم الوكيل -لا عن عجز، لكنها الاستعانة-.

وفي هذه الأسطر: يكشف لنا الكلم عن حقائق، بل فضائح، وقد نظرت في وجه القلم، وبصرت ما معه من قرائن؛ فعلمت أنه صادق ناصح، دعاه إلىٰ ذلك واجب البيان، مع الخوف من تكرار ما كان، وما حدثتنا به الأيام القريبة، وشاهدناه ونحن صغار، وغدوت وراء القلم متبعًا خبره، لعل فيه عبرة.

فقال -ومن كتاباتهم أسجل أقوالهم- فؤاد علام‏ في كتابه «الإخوان وأنا‏» ص(165) فصل «إعدام سيد قطب‏»‏:

‏«وقطع سيد قطب لحظات الصمت القصيرة الرهيبة بقوله: للأسف الشديد لم ينجحوا في تنفيذ عملية نسف القناطر الخيرية، وكانت هي النهاية، لم أشعر في كلماته بنبرة ندم أو أسىٰ، وإنما بتشف وحسرة أن القناطر لم تدمر، وساد التوتر محل الصمت وبدأ سيد قطب ينتقل من موضوع لموضوع دون ترتيب أو تركيز، كرر أكثر من مرة أن مشكلته في عقله؛ لأنه مفكر وكاتب إسلامي كبير، وأن الحكومة لا تملك إلا أن تقضي علىٰ العقل الإسلامي الكبير حتىٰ تنفرد بأعمالها ضد الإسلام حسب تصوره… وبعد الوصول إلىٰ حد الانهيار، وظل يردد أنه مفكر إسلامي، وأن الحكومة لم تجد سبيلًا للقضاء علىٰ أفكاره إلا بإعدامه.

ومضت اللحظات الأخيرة ببطء شديد، وكنت أقف خارج غرفة الإعدام في حضور مأمور السجن وأحد وكلاء النيابة وبعض الضباط والجنود، واتخذت مراسم تنفيذ الحكم، وخلعوا عن سيد قطب بدلته وألبس البدلة الحمراء، وسُئل إن كان يريد أن يطلب شيئًا، فطلب كوب ماء شربه وأدىٰ صلاة الفجر، ثم دخل غرفة الإعدام وتم تنفيذ الحكم‏».

قلت: ولم يصل عن سيد غير هذا، بينما نقل يوسف هواش: أنه «أصيب بحالة هستيرة‏»، وظل يردد: «لقد أبلغتهم أنهم يحكمون بغير ما أنزل الله، اللهم فاشهد رحم الله أموات المسلمين‏» ‏‏«براءة علماء الأمة من تزكية أهل البدع والمذمة» ص (21).

وبذا ينكسر قلم كل خائن عربيد، وتبطل حجة كل معرض عن اتباع الحق عنيد، وأزيدك من العلم ما تطمئن له نفسك:

قال محمد الغزالي السقا –الإخواني في كتابه «من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث‏» ص(222-233)‏: «… ولقد سمعنا كلامًا كثيرًا عن انتساب عدد من‏ الماسون بينهم حسن الهضيبي نفسه لجماعة الإخوان، ولكن لا أعرف بالضبط كيف استطاعت هذه الهيئات الكافرة بالإسلام أن تخنق جماعة كبيرة علىٰ النحو الذي فعلته…‏».

ولما تكلّم عن خيانة قيادة الإخوان ووصفها بالإهدار لكفاح الأمة وأمانيها، قال: ‏‏«وغلبني السخط علىٰ ذلك العمل الشاذ، ورأيت إنقاذا لكرامة الإسلام ودعوته2 أن أصور الموقف الذي يجب أن يقفه الإخوان المسلمون، فنحن لا نتبع ملكًا خائناً، ولا نؤيد سياسة غادر.

ثم نشرت بجريدة «المصري‏» في 31/12/1951م كلمة تحت عنوان‏ «لن تبلغ أمة هدفها إلا إذا نظمت جبهتها الداخلية‏» ماذا في ذلكم البيان يغضب السيد حسن الهضيبي؟

لقد ثار وضاق، وجاءني في بيتي الأستاذ عبد العزيز كامل، والأستاذ خميس حميدة، وهما من أعضاء مكتب الإرشاد ليخبراني بأن هذا المسلك الفردي منته بي إلىٰ الانسلاخ عن الجماعة!

إن الأوامر صادرة بأن يكون حديث الإخوان في هذه الظروف متناولًا لموضوعات أخرىٰ.. موضوعات تتفق مع رغبة القصر الملكي طبعًا…

ويؤسفني أن تنشر جريدة «المصري‏» ردًّا علي باسم المرشد العام أشرف علىٰ كتابته سعيد رمضان وسيد قطب، وكان الردّ خواء من أي شيء واضح أو حاسم، إنه ردّ وكفىٰ. ومبعث أساي أن الأستاذ سيد قطب ما كان ينتظر منه أن يشارك في هذا العمل ولكنه استدرج وخضع3 يغفر الله له‏» ‏‏«الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة‏» للشيخ سليم الهلالي ص (278 – 279).

وعلىٰ ما تقدم من مقدمات، قال الشيخ سليم الهلالي: «إن تاريخ الإخوان يمثل الفشل السياسي بكل أنواعه وصوره وأبعاده، فقد استطاع الضباط الأحرار أن يمتطوا هذه الجماعة حتىٰ وصلوا إلىٰ الحكم. بل قالوا: إن سيد قطب كان ميرابو -الرجل الذي مهد للثورة، وانظر «سيد قطب الشهيد الحي‏» ص (138-142)– للثورة… ثم كان ما كان‏» ‏‏«الجماعات الإسلامية‏» ص (283).

فيا أيها الأخ الكريم، ويا أيها الشاب الطيب:

لا تكن حطب هذه الفتن، وتمهل في كل أمرك، ولا تسلم زمانك إلىٰ كل دعي قبل البينة والرجوع إلىٰ أهل العلم الناصحين الصادقين – غير المتلبسين ببدعة التحزب أو هوىٰ التفرق -.

كن سلفيًا -ما حييت – علىٰ الجادة، معظمًا للأمر والنهي، موقرًا للعلماء الكبار أهل العلم والفضل، مستثمرًا أوقاتك في تعلم الهدىٰ وسلوك سبل الخير، ودع عنك بنيات الطريق، وليكن شعارك: ‏‏‏﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ [طه:84]، والله العاصم.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك علىٰ نبينا محمد وعلىٰ آله وصحبه أجمعين،

والحمد لله رب العالمين.

كتبه
راجي عفو مولاه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
في: 27/5/1424هـ الموافق 27/7/2003م

  1. كما قال صاحب كتاب «الممتاز في مناقب الشيخ ابن باز‏» ص (55) وهو يترجم للشيخ في ذاك المجلد الضخم، نجده يغلو في سيد قطب -وكأن الترجمة له- بقوله: «ومن أعظم مواقف الشيخ موقفه من قضية الأستاذ الداعية سيد قطب $ فقد قُتل هذا الإمام، وهذا المفكر العبقري الفذ، قُتل ظلمًا وعدوانًا وطغيانًا… وأُثر أن سيد قطب لما قرب ليشنق… قال أحد الشعراء:

    يا شهيداً رفع الله به
    جبهة الحق على طول المدى
    سوف تبقى في الحنايا علماً
    هاديا للرَّكب رمزاً للفدى
    ما نسينا أنت قد علَّمتنا
    بسمة المؤمن في وجه الردى
    «براءة علماء الأمة…‏» للسناني ص (8).

  2. بل إنقاذا لكرامتك ودعوتك؛ إذ إن الإسلام منصور عزيز، لا ولن يذل ويقهر ما بقي النيران، وهكذا القوم –مع ما هم عليه– يتكلمون في المحافل الدولية باسم الإسلام وعن المسلمين، والواجب أن يطرح المرء مرئياته أو أطروحاته وينسبها لنفسه، حتى إذا ما وقع في الخطأ -ولابد– نسبه إلى تقصيره وعجزه وبرئ إسلامه منه، إن كانوا يفقهون وبالحق يعلمون.
  3. إذًا استُدرج الذي كان يعبد عقله، ويعتقد أن مشكلته في عقله الذي ساقه إلى تكفير الخلق، وخضع الرجل الذي يصورونه أنه لم يخضع، خضع لملك صوروه هم أنه كان خائنًا، بل وأيّد هذا الذين يصورونه بأنه أبى سياسة غادر، هكذا أيد سيد غادرًا، وخذل أحباءه أحوج ما يكونون إليه، هذا قولهم هم!! ومن كتبهم هم!! فاسألوها إن كانت من الناطقين. فلِمَ لمْ يحدثنا القطبييون في هذا الموطن حديثًا مؤنقًا كالحديث المزعوم؟!!!.