يا قومنا: لا توحيد إلا بالتوحيد، ولا اجتماع إلا على السنة، ولا نصرة إلا في الاتباع، ولا عز إلا في الطاعة، ولا إصلاح إلا بالنصح.
شواهد الوجود في كل الديانات ومختلف المعتقدات قاضية صارخة بأنه: لا حكم على معين -كائنا من كان، في أي أمر كان- قبل استبيان.
إن السلفي بل السلفيين أبناء الدليل، قوم يسيّرهم النص، يخضعون أمام سلطانه، يتهمون أقوالهم وينكرون أفعالهم عند مخالفته، لأجل ذلك الأوبة فيهم أسرع، واتهام النفس أسبق.
كنت أعتقد أن سعادة المرء في شيئين: تقوى الله تعالى، وكثرة الصمت، وكان فلك دعوتي في المحيطين بي على هذا الأصل.
العلم مقام الصادقين المصدقين، وسبب في الحشر يوم الحشر في زمرة الصديقين التي تلي مرتبة النبيين، إذ لما كانوا هم ورثتهم في الدنيا تلوهم في الرتبة في الآخرة
العلم هو رزق الدنيا والآخرة؛ فلابد لكل نجيب أريب أن يسعى لتحصيله والأخذ بأسباب تحمله ثم تحميله، مستعيناً مفتقراً، باذلاً له محتسباً، وليحذر من عوائقه وآفاته ونكده.
اصطفى الله سبحانه وتعالى صفوة من خلقه، شرفهم بالعلم، ووفقهم لسلوك سبيله والأخذ بأسباب تحصيله، ثم تكرم عليهم بأن جعلهم من حملته، ثم أمر الناس بالرجوع إليهم والأخذ عنهم، حيث جعلهم موقعين عنه، ونصبهم أدلة عليه سبحانه؛ بما ورثوه من ميراث النبوة العظيم.
يجب علينا أن نتقي الله تعالى فيما نقول ونذر، وأن نكون أخشى الخلق للخالق، وأرحم الخلق بالخلق، وأسرع الخلق أوبة للحق إبان ظهوره.
اتبع -يرحمك الله تعالى- منهج أهل الحديث حقيقة، ارفع عقيرتك بالحق بحق، أعلنها سلفية نقية، تبرأ من تلك الفرق المتفرقة المفارقة للفرقة الناجية، حاربها؛ طاعة لله تعالى، واتِّباعًا للسنة، وسلامة للملة، وصيانة للأمة.
عباد الله.. أيها المسلمون: الصبر الصبر؛ إنما هي أيام قلائل، تناصحوا فيما بينكم، وتعاونوا على البر، وتواصوا بالتقوى، واسعوا لإنقاذ أنفسكم من أنفسكم، صونوا حواسكم؛ تسلموا.
يجب أن تكون تعاملاتُنا مع أنفسنا مع أزواجنا مع غيرنا، في بيوتاتنا في مجتمعاتنا وفق الشرع، وساعتئذ يصلحُ الأصلُ والفرع.
قام الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب $ ناصحًا ومحذرًا من مغبة الشرك، وداعيًا ومذكرًا إلىٰ ضرورة إفراد الله تعالىٰ بالتوحيد، فألّف مؤلفه العظيم «كتاب لتوحيد» مجليًا حقيقته، ومبرزًا صوره ومظاهره في العصر الحديث، ومدىٰ ارتباطه بشرك الأولين من لدن نوح -عليه السلام- إلىٰ يومنا، والله المستعاذ والمستعان.
ويعدّ سيد قطب أقنوم التكفير وحامل لوائه في هذا العصر، وتعدّ كتبه ينبوع الشرّ ومعول هدم؛ مما جعل العلامة ابن باز $ يوصي بحرقها لضررها، وقامت بعض المجتمعات الإسلامة بمنع نشرها وتداولها، إلا أن البعض لا يزال يلهث ورائها يحسبها ماءً وهي سراب كاذب، وقد تدركه منيته وهو يسير إلىٰ حتفه، ولجهله لم يقف علىٰ حقيقة الأمر!! كان الله لنا وله.
يا أيها الأخ الكريم، ويا أيها الشاب الطيب: لا تكن حطب هذه الفتن، وتمهل في كل أمرك، ولا تسلم زمانك إلىٰ كل دعي قبل البينة والرجوع إلىٰ أهل العلم الناصحين الصادقين -غير المتلبسين ببدعة التحزب أو هوىٰ التفرق-.
كن سلفيًا -ما حييت- علىٰ الجادة، معظمًا للأمر والنهي، موقرًا للعلماء الكبار أهل العلم والفضل، مستثمرًا أوقاتك في تعلم الهدىٰ وسلوك سبل الخير، ودع عنك بنيات الطريق، وليكن شعارك: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾، والله العاصم.
أيا متصوفة ومتشيعة: كهنتكم دجاجلتكم ليسوا آلهة، لا يعلمون الغيب، لا ينفعون ولا يضرون، لا يدفعون ولا يرفعون، لا يُشرعون ولا ينبغي لهم أن يخالفوا؛ ذلك أنهم عباد مربوبون؛ فإن أطاعوا؛ أُطيعوا. وإن خالفوا؛ خُولفوا، وإن كابروا؛ أكرهوا. والحق: أنه لا تصوف ولا تشيع، إنما هو اتباع لا ابتداع فيه، فأفيقوا؛ ألفظوا الأهواء وانبذوا الآراء، تذوقوا حلاوة الأخبار، ولذة الآثار، وإلا النار.
أيها الحزبيون والحركيون: منظّروكم ومُحرّكوكم ليسوا آلهة، بل هم بحسب الحقيقة الشرعية شياطين علىٰ طرق مهلكة تدعوا في غلس إلىٰ فلس؛ للسلب فالسقوط، فاحذروا من صرع السَقَطَة، وصدمة السقْطة، النار.. النار.
أيها المؤمنون عباد الله: ولاة الأمر ليسوا آلهة كما تظنون إنما هم عباد أمثالكم: يعلمون ويجهلون، يصيبون ويخطئون، يختارون وقد يكرهون، لا يقدرون علىٰ كل شيء، لا يُغنون ولا يفقرون، لا يُسعدون ولا يُشقون. وفي إيمانهم: يزيدون وينقصون، وهم مع ذلك -كآحادنا- يرغبون ويرهبون، يرجون ويحذرون. فناصحوهم -بشرطه وأدبه ومن أهله لأهله– وأعينوهم -بالدعاء-، ولا يقبلون الضيم، فانصروهم وناصروهم.
أيتها الجماهير المسلمة: الدراهم والدنانير ليست آلهة؛ الأرزاق مكفولة، فلا تستذلن نفسك، ولا تأكلن خبزك بجبن، ولا تخضعن لغبن، وإنما جدّ وكدّ، وأخلص وانصح، واحذرن حسيّ ومعنويّ السرقة -مباشرة أو مواطأة أو طأطأة- وكذا لا غلول ولا رشوة ولا غش… إلخ.
إن الله تعالىٰ كما قسّم الأخلاق والآجال، قسّم الأرزاق؛ ابتلاء. فإن من عباد الله ما الفقر يصلحه، ومنهم من الغنىٰ يصلحه، ومَن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السُّخط، والتعويل علىٰ الصلاح والإصلاح.
عجبًا! كيف يُطلب الدليل علىٰ مَن هو دليل علىٰ كل شيء؟! عجبًا! كيف يُعصىٰ الإله؟ أم كيف يجحده الجاحد؟ وفي كل شيء له آية تدل علىٰ أنه الواحد!
أيها المخاطبون! عباد الله.. لم تُخلقوا سدىٰ، ولم تُوجدوا عبثًا، ولم تتركوا هملًا، ولن تفنوا أبدًا، حياتكم حياتكم. أحيوها كما هَدَىٰ واهبُها وباريكم، اجعلوها وفق شرع هاديكم، تلمسوا سُبُل الهدىٰ واسلكوها، تتبَّعوا سبل النجاة واتبعوها، بادروا قبل أن تفتقدوها، فرارًا إلىٰ الله تعالىٰ، وسيسألكموها. واعلموا أنكم منه وبه وإليه.
شاهت وجوه أهل الشهوات، شانوا مجاوريهم، وشنأهم ذوو الشيم من مخالطيهم؛ فمتىٰ تخنق شوارد الشهوات، وتلجم حمر الآراء، وتخمد حمم الأهواء؛ لتنعم النفوس وتصفو وتسمو؟
نحن نعتقد أن رأي سلفنا الصالح فوق رأينا، بدلالة النصوص والواقع، مما أورث قوة أخضعت أهل التأويل والتعطيل والتمثيل والتكييف، وأخرست المناطقة والفلاسفة، وأذلّت أرباب الشهوات والشبهات، قديمًا وحديثًا.
نحن المسلمون نحن الموحدون نفتخر غاية الافتخار بديننا، ونستعلي بإيماننا، ونعتز بشرعنا، ونسموا بأخلاقنا، ونحترم عقولنا، نرجو رحمة ربنا، ونخاف عذابه.
ألا فلينهض ليوث السنة، ولينفر حماتها، ليتشابكوا، ليشتدّوا؛ ويشدّوا علىٰ أوكار كتب هؤلاء؛ لتهدم حججهم فوق حجرهم، وتحرق شبهاتهم في نيران حقدهم، وتشرد شهواتهم مع شياطينهم، فيسلمون ويُسلم منهم، احتسابًا للاتباع، واتباعًا للنجاة.
لإخواننا أهل العلم، أقول: قوموا –رحمكم الله تعالىٰ- بانتشال هؤلاء من تيههم، بل وحلهم، من مستنقع بدعهم، حتىٰ إذا ما أفاقوا من سكرتهم، وصحو من خمرتهم، وانحرافوا عن جرمهم، وقفوا وانخلعوا وشكروا وأصلحوا. أما أن يُعتقد أنهم مجانين، لا تضيع معهم الأوقات والجهود، ويتركون يرتعون في جناب الديانة وحمىٰ البناية، يلوثون مع العقول الأعراض، وينشرون في ربوعنا الأمراض، فلا.